الصياغة والانسجام، والحديث وحي بمعناهدون لفظه، فهو من جهة اللفظ والصياغة كلامبشريّ يمكن مباراته.وهناك عذر آخر لا يقلّ في الوهن والضعف عنالأوّل جاء به بعض المعاصرين قال: يمكن أنتكون حكمة النهي عن كتابة الحديث هو أن لاتكثر أوامر التشريع، ولا تتّسع أدلّةالأحكام وهو ما كان يتحاشاه صلّى اللهعليه وآله وسلّم حتّى كان يكره كثرةالسؤال، أو يكون من أحاديث في اُمور خاصّةبوقتها بحيث لا يصح الاستمرار في العملبها. ونحن لا نعلّق عليها إلاّ شيئاًطفيفاً إذ القارىء الكريم أعرف بحالها، إذأيّ صلة بين كتابة حديث نافع وسنّة متّبعةتتّصل بحياة المسلمين الفرديّةوالاجتماعيّة وتحتلّ مكاناً سامياً فياستنباط كثير من الأحكام التي كانوايواجهونها بعد عصر الرسالة عندما توسّعتالحكومة الإسلاميّة وتلوّنت حياتهمبألوان حضارة جديدة، ولم يكن لهم بها عهدفي عصر النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّموبين كثرة السؤال عن أشياء لا تهمّ السائلمعرفتها.على أنّ ما اعتذر به الكاتب في تصحيحالنهي عن تدوين السنّة يستدعي النهي عنكتابة القرآن وهما في المقام سواسية، لأنّعمق معاني القرآن وغزارة مقاصده تؤدّيبالباحث إلى كثرة التساؤل واتّساع أدلّةالأحكام وتكثر أوامر التشريع، وبالتالييستلزم تسلسل الأسئلة.ولا يتردّد المحقّق الباحث في أنّ ما عزوهإلى النبيّ من مخاريق الأوهام الباطلةالتي نحتوها لأغراض سياسيّة، لتصحيح فعلالخليفة ونهيه عن كتابة الحديث وسنّةالنبيّ الأكرمصلّى الله عليه وآله وسلّم.وما ارتكبه الخليفة عثرة لا تقال، فاللّهيعلم كم خسر الإسلام والمسلمون من جرّائهالولا أن تدارك الخسران العظيم عمر بن عبدالعزيز فكتب من الشام إلى أبي بكر ابن حزموهو من كبار المحدّثين بالمدينة: انظر منحديث رسول اللّه فاكتبه، فإنّي خفت دروسالعلم وذهاب العلماء (1).1- صحيح البخاريّ 1: 27 كتاب العلم.