لهم حفظ الأسرى في أثناء الحرب لقلّةالإمكانيّات وعدم وجود الأماكن المناسبةلحفظهم واستبقائهم (1) فربّما كان فياستبقاؤهم مظنّة وقوع الفتنة، وكانموجباً لبقاء قوّة العدو، وشوكته، فلأجلذلك يأمر الكتاب العزيزبقتلهم لغايةالإثخان و الغلبة في الأرض والتمكّن فيهافي مقابل العدو.فكلمة (حَتَّى يُثْخَنَ فِي الأرْضِ)وقوله: (حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ)توحي بذلك القيد وأنّ الحكم مختصّ بما إذاكان في قتلهم تقوية للمسلمين وإضعافللعدو.وأمّا إذا كان المسلمون أقوياء وكاناستبقاؤهم أمراً ممكناً، ولم تكن في قتلهمتقوية لهم وإضعاف للعدو فالآية منصرفة عنذلك الوضع، وممّن تنبّه إلى ذلك «الجصّاص»في إحكام القرآن حيث قال:(وذلك في وقت قلّة عدد المسلمين وكثرة عددعدوّهم من المشركين فمتى اُثخن المشركونواُذلّوا بالقتل والتشريد جاز الاستبقاء،فالواجب أن يكون هذا حكماً ثابتاً إذا وجدمثل الحالة التي كان عليها المسلمون فيأوّل الإسلام)(2).وقال صاحب المنار في فلسفة القتل قبلالإثخان ما يؤيّد هذا الاتّجاه:(فإذا التقى الجيشان فالواجب علينا بذلالجهد في قتل الأعداء دون أخذهم أسرى لإنّذلك يفضي إلى ضعفنا ورجحانهم علينا حتّىإذا أثخنّاهم في المعركة جرحاً وقتلاًوتمّ لنا الرجحان عليهم فعلاً، رجّحناالأسر(3) المعبّر عنه بشدّ الوثاق لأنّهيكون حينئذ من الرحمة الاختياريّة، وجعلالحرب ضرورة تقدّر بقدرها، ولذلك خيّرنااللّه تعالى فيه بين المنّ عليهم وإعتاقهمبفكّ وثاقهم وإطلاق حريّتهم. وامّا بفداءأسرانا عند1- والذي يدلّ على فقدان الأمكنة لحبسالأسارى ما نقله الكتاني عن شفاء الغليلللخفاجيّ أنّه كتب قائلا: «لم يكن في زمنرسول اللّه صلّى الله عليه وآله وسلّمسجن»، وأضاف قائلا: «وكان يحبس في المسجدوفي الدهاليز» التراتيب الإداريّة 1: 297.2- أحكام القرآن 3: 391، ولاحظ أيضاً72 من ذلك الجزء.3- الأولى أن يقول: رجّح القرآن الأسر.