تعالى: (أَلاَ لَهُ الحُكْم) إلخ.. لمّابيّن تعالى اختصاصه بمفتاح الغيب وعلمهبالكتاب المبين الذي فيه كل شيء، وتدبيرهلأمر خلقه من لدن وجدوا، إلى أن يرجعواإليه، تبيّن أنّ الحكم إليه لا إلى غيره،وهو الذي ذكره فيما مرّ من قوله: (إِنِالْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ)أعلن نتيجةبيانه فقال: (أَلاَ لَهُ الْحُكْم) ليكونمنبّهاً لهم ممّا غفلوا عنه)(1). فإذا لم تكنالحاكميّة إلاّ للّه تعالى، كان إليه وحدهأمر التنصيص والتعيين للحاكم الأعلى،أمّا على الاسم والشخص; كما إذا اقتضتالمصالح أن يكون لون الحكومة على هذاالنمط، أو على الصفات والشروط اللازمةفيه; كما إذا اقتضت المصلحة أن يكون لونالحكومة على هذا الطراز.بيد انّ المسلمين قد اتفقوا على أنّالنبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّمكان حاكماً منصوباً من جانبه سبحانه علىالاُمّة.ومن المعلوم; أنّه لو كان هناك تنصيبللشخص لما كان للاُمّة رفض النصّ والتعيينوالركون إلى الطريق الآخر.. يقول سبحانه:(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِن وَلاَ مُؤْمِنَةإِذَا قَضَى اللّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرَاًأَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْأَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللّهَوَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاًمُبِيناً)(الأحزاب: 36).وقد نصّ اللّه تعالى على حاكمية النبيّ،وحاكميّة ولاة الأمر من بعده إذ قال فيكتابه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواأَطِيعُواْ اللّهَ وَ أَطِيعُواالرَّسُولَ وَأُولِى الأمرِمِنْكُمْ)(النساء: 59).ومن الواضح أنّ وجوب إطاعة النبيّ و اوليالأمر(2) في كلّ ما يأمر وينهى دليل1- تفسير الميزان 7: 136.2- المشهور بين الإماميّة تبعاً للأخبارأنّ المراد من اولي الأمر; أشخاص معيّنونبأسمائهم وشخصيّاتهم، وقد نصّ النبيّعليهم في متواتر الأحاديث والروايات،التي رواها أعلام الحديث من الفريقين،فهيقضيّة خارجيّة ـ حسب المصطلح المنطقيّ ـمقصورة على أولئك الأشخاص، وليست قضيّةًكليّةً قانونيّةً مضروبةً على إطاعة كلّمن ولي الأمر من المؤمنين، حتّى تصيرقضيّةً حقيقيّةً حسب اصطلاح المنطق. وإنكان ـ ربّما ـ يجب إطاعة ولي الأمر منالمؤمنين، لكنّهبسبب دليل آخر لا لأجل هذه الآية، وهناكوجه آخر في مفاد الآية قــرّر في محلّه.