امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل جلد 6
لطفا منتظر باشید ...
و حادة، فهي تقول: ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوالِلْمُشْرِكِينَ و لكي توكّد ذلك قالت: وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى.ثمّ أنّ القرآن الكريم بيّن سبب و دليلهذا الحكم فقال: مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَلَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِفإنّ هذا العمل- أي الاستغفار للمشركين-عمل لا معنى له و في غير محله، لأنّ المشركلا يمكن العفو عنه بأي وجه، و لا سبيللنجاة من سار في طريق الشرك، إضافة إلى أنطلب المغفرة نوع من إظهار المحبة والارتباط بالمشركين، و هذا هو الأمر الذينهى عنه القرآن مرارا و تكرارا.و لما كان المسلمون العارفون بالقرآن قدقرءوا من قبل أن إبراهيم استغفر لعمه آزر،و لذا فمن الممكن جدّا أن يتبادر الىأذهانهم هذا السؤال: ألم يكن آزر مشركا؟ وإذا كان هذا العمل منهيا عنه فكيف يفعلههذا النّبي الكبير؟لهذا نرى أن الآية الثّانية تتطرق لهذاالسؤال و تجيب عليه مباشرة لتطمئن القلوب،فقالت: وَ ما كانَ اسْتِغْفارُإِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْمَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّاتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِتَبَرَّأَ مِنْهُ.و في آخر الآية توضيح بأنّ إبراهيم كانإنسانا خاضعا بين يدي اللّه عزّ و جلّ، وخائفا من غضبه، و حليما واسع الصدر، فقالت:إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ.إنّ هذه الجملة قد تكون بيانا لسبب الوعدالذي قطعه إبراهيم لآزر بالاستغفار له،لأنّ حلمه و صبره من جهة، و كونه أوّاها- والذي يعني كونه رحيما طبقا لبعض التفاسير-من جهة أخرى، كانا يوجبان أن يبذل قصارىجهده في سبيل هداية آزر، حتى و إن كانبوعده بالاستغفار له، و طلب المغفرة عنأعماله السابقة.و يحتمل أيضا أن تكون هذه الجملة دليلاعلى أنّ إبراهيم لخضوعه و خشوعه و خوفه منمخالفة أوامر اللّه سبحانه لم يكن مستعدالأن يستغفر للمشركين أبدا، بل إنّ هذاالعمل كان مختصا بزمان كان أمل هداية آزريعيش في قلبه، و لهذا فإنّه بمجرّد أناتّضح أمر عداوته ترك هذا العمل.