هذه الأمور صدفة محضة:
وَ إِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةًمِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذالَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا.إنّ كلمة «مكر» في الآية أعلاه، و التيتعني بشكل عام إعمال الفكر، تشير إلىالتوجيهات الخاطئة و طرق التهرّب التييفكر بها المشركون عند مواجهة الآياتالإلهية، و ظهور أنواع البلايا و النعم.إلّا أنّ اللّه سبحانه حذر هؤلاء بواسطةنبيّه، و أمره أن قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُمَكْراً.و كما أشرنا مرارا، الى أنّ المكر فيالأصل هو كل نوع من التخطيط المقترنبالعمل المخفي، لا المعنى الذي يفهم منهذه الكلمة اليوم، و هو الاقتران بنوع منالشيطنة، و على هذا فإنّه يصدق على اللّهسبحانه كما يصدق على العباد «1». لكن ما هومصداق المكر الإلهي في هذه الآية؟الظاهر أنّها إشارة إلى نفس تلك العقوباتالإلهية التي يحلّ بعضها في نهاية الخفاءو بدون أية مقدمة و بأسرع ما يكون، بل إنّهيعاقب و يعذب بعض المجرمين بأيديهمأحيانا. و من البديهي أن من هو أقدر من الكلو أقوى من الجميع على دفع الموانع و تهيئةالأسباب، ستكون خططه- أيضا- هي الأسرع. وبتعبير آخر فإنّ اللّه سبحانه في أي وقتيريد أنزال العقاب بأحد العباد أو تنبيهه،فإنّ هذا العقاب سيتحقق مباشرة، في حين أنالآخرين ليسوا كذلك.ثمّ يهدد هؤلاء بأن لا تظنوا أنّ هذهالمؤامرات و الخطط ستنسى، بل إنّ رسلنا- أيالملائكة- يكتبون كل هذه المخططات التيتهدف إلى إطفاء نور الحق:(1) لمزيد التوضيح راجع المجلد الثاني منتفسيرنا هذا، ذيل الآية (54) من سورة آلعمران.