امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل جلد 6
لطفا منتظر باشید ...
الآخر الحيوانات فَاخْتَلَطَ بِهِنَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُالنَّاسُ وَ الْأَنْعامُ.إنّ هذه النباتات علاوة على أنّها تحتويعلى الخواص الغذائية المهمّة للكائناتالحيّة الأخرى، فإنّها تغطي سطح الأرض وتضفي عليها طابعا من الجمال حَتَّى إِذاأَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ في هذه الأثناء حيث تتفتحالجنابذ و تورق أعالي الأشجار و تعطي ذلكالمنظر الزاهي و تبتسم الأزهار و تتلألأالأعشاب تحت أشعة الشمس، و تتمايل الأغصانطربا مع النسيم، و تظهر حبات الغذاء والأثمار أنفسها شيئا فشيئا و تجسم جانبادائب الحركة من الحياة بكل معنى الكلمة، وتملأ القلوب بالأمل، و العيون بالسرور والفرح، بحيث وَ ظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْقادِرُونَ عَلَيْها .. في هذه الحال وبصورة غير مرتقبة يصدر أمرنا بتدميرها،سواء ببرد قارص، أو ثلوج كثيرة، أو إعصارمدمّر، و نجعلها كأنّ لم تكن شيئا مذكوراأَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراًفَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْتَغْنَ بِالْأَمْسِ.لَمْ تَغْنَ مأخوذة من مادة (غنا) بمعنىالإقامة في مكان معين، و على هذا فإنّ جملةلَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ تعني أنّها لمتكن بالأمس هنا، و هذا كناية عن فناءالشيء بالكلية بصورة كأنّه لم يكن لهوجود مطلقا!.و للتأكيد تقول الآية في النهاية: كَذلِكَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍيَتَفَكَّرُونَ.إنّ ما ذكر أعلاه تجسيم واضح و صريح عنالحياة الدنيوية السريعة الانقضاء والخداعة، و المليئة بالتزاويق و الزخارف،فلا دوام لثرواتها و نعيمها، و لا هي مكانأ من و سلامة. و لهذا فإنّ الآية التاليةأشارت بجملة قصيرة إلى الحياة المقابلةلهذه الحياة، و قالت: وَ اللَّهُ يَدْعُواإِلى دارِ السَّلامِ.فلا وجود و لا خبر هناك عن مطاحنات واعتداءات المتكالبين على الحياة المادية،و لا حرب و لا إراقة دماء و لا استعمار و لااستثمار، و كل هذه المفاهيم قد جمعت فيكلمة دار السّلام.و إذا تلبّست الحياة في هذه الدنيا بعقيدةالتوحيد و الايمان بالمبدأ و المعاد،