2- مقياس معرفة الفضيلة:
مرّة أخرى نواجه الواقعية في هذه الآيات،و هي أن أصحاب الثروة و القوة و عبيدالدنيا الماديّين يرون جميع الأشياء منخلال نافذتهم المادية .. فهم يتصورون أنّالاحترام و الشخصيّة هما ثمرة وجود الثروةو المقام و الحيثيات فحسب، فلا ينبغيالتعجب من أن يكون المؤمنون الصادقونالذين خلت أيديهم من المال و الثروة فيقاموسهم «أراذل» و ينظرون إليهم بعينالاحتقار و الازدراء.و لم تكن هذه المسألة منحصرة في نوح وقومه، إذ كانوا يصفون المؤمنينالمستضعفين حوله- و لا سيما الشباب الوعيمنهم- بأنّ عقولهم خالية و أفكارهم قاصرة،و كأنّهم لا قيمة لهم. فالتاريخ يكشف أنهذا المنطق كان موجودا في عصر الأنبياءالآخرين و على الأخصّ في زمن نبي الإسلامصلّى الله عليه وآله وسلّم و المؤمنينالأوائل.كما نرى الآن مثل هذا المنطق في عصرنا وزماننا، فالمستكبرون الذين يمثلون فراعنةالعصر- اعتمادا على سلطانهم و قدراتهم وقواهم الشيطانية- يتهمون(1) لمزيد من الإيضاح يراجع ذيل الآية (50) منسورة الأنعام و ذيل الآية (188) من سورةالأعراف.