بقوله: إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُإِنْ شاءَ فذلك خارج من يدي على كل حال وليس باختياري، إنّما أنا رسوله و مطيعلأمره، فلا تطلبوا منّي العذاب و العقاب! ..و لكن حين يحل عذابه فاعلموا أنّكم لاتقدرون أن تفرّوا من يد قدرته أو تلجأواإلى مأمن آخر وَ ما أَنْتُمْبِمُعْجِزِينَ.
و «المعجز» مشتق من مادة «الإعجاز» و هيبمعنى سلب القدرة من الغير، و تستعمل هذهالكلمة أحيانا في موارد يكون الإنسانمانعا لعمل الآخر أو لصده عن سبيله فيعجزهعن القيام بأي عمل، و أحيانا تستعمل فيفرار الإنسان من يد الآخر و خروجه منهيمنته فلا يقدر عليه، و أحيانا تستعمل فيتكبيل الآخر بالوثاق، أو بجعله مصونا ..إلخ.
فكل هذه المعاني من أوجه الإعجاز و سلبالقدرة من الطرف الآخر.
الآية الآنفة الذكر تحتمل جميع هذهالمعاني، لأنّه لا منافاة بين جميع هذهالمعاني، فكلها تعني أنّ لا حيلة تخلصكم وتجعلكم في أمان من عذابه.
ثمّ يضيف: و إذا كان اللّه يريد أن يضلكم ويغويكم- لما أنتم عليه من الذنوب و التلوّثالفكري و الجسدي- فلا فائدة من نصحي لكمإذا وَ لا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْأَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ فهووليكم و أنتم في قبضته هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.
سؤال: مع مطالعة هذه الآية يثور هذاالسؤال فورا- كما أن كثيرا من المفسّرينأشاروا إليه أيضا- و هو: هل يمكن أن يريداللّه الغواية و الضلال لعباده؟ ثمّ أليسهذا دليلا على الجبر؟ و هل يتوافق هذاالمعنى مع أصل حرية الإرادة و الإختيارللإنسان؟
و الجواب: كما اتّضح من ثنايا البحثالمتقدم- و ما أشرنا إليه مرات عديدة- أنّهقد تصدر من الإنسان- أحيانا- سلسلة منالأعمال التي تكون نتيجتها الغواية والانحراف الدائمي و عدم العودة إلى الحق،اللجاجة المستمرة و الإصرار على