امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل جلد 6
لطفا منتظر باشید ...
و في الآيات محل البحث إشارة إلى المرحلةالثّالثة من هذه المواجهة، و هي مرحلةانتهاء دورة التبليغ و التهيؤ للتصفيةالإلهية.ففي الآية الأولى نقرأ ما معناه: يا نوح،إنّك لن تجد من يستجيب لدعوتك و يؤمنباللّه غير هؤلاء: وَ أُوحِيَ إِلى نُوحٍأَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَإِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ.و هي إشارة إلى أنّ الصفوف قد امتازت بشكلتام، و الدعوة للإيمان و الإصلاح غيرمجدية، فلا بدّ إذا من الاستعداد لتصفية والتحول النهائي.و في نهاية الآية تسلية لقلب نوح عليهالسّلام أن لا تحزن على قومك حين تجدهميصنعون مثل هذه الأعمال فَلا تَبْتَئِسْبِما كانُوا يَفْعَلُونَ و نستفيد من هذهالآية- ضمنا- أنّ اللّه يطلع نبيّه نوحاعلى قسم من أسرار الغيب بمقدار ما ينبغي،كما نجد أنّ اللّه تعالى يخبره بأنّه لنيؤمن بدعوته في المستقبل غير أولئك الذينآمنوا به من قبل، و على كل حال لا بدّ منإنزال العقاب بهؤلاء العصاة اللجوجينليطهر العالم من التلوّث بوجودهم، و ليكونالمؤمنون في منأى عن مخالبهم، و هكذا صدرالأمر بإغراقهم، و لكن لا بدّ لكل شيء منسبب، فعلى نوح أن يصنع السفينة المناسبةلنجاة المؤمنين الصادقين لينشط المؤمنونفي مسيرهم أكثر فأكثر، و لتتم الحجّة علىغيرهم بالمقدار الكافي أيضا.و جاء الأمر لنوح أن ... اصْنَعِ الْفُلْكَبِأَعْيُنِنا وَ وَحْيِنا.إنّ المقصود من كلمة «أعيننا» إشارة إلىأن جميع ما كنت تعمله و تسعى بجد من أجله فيهذا المجال هو في مرءاي و مسمع منّا، فواصلعملك مطمئن البال.و طبيعي أنّ هذا الإحساس بأنّ اللّه حاضرو ناظر و مراقب و محافظ يعطي الإنسان قوة وطاقة، كما أنّه يحسّ بتحمل المسؤوليةأكثر.كما يستفاد من كلمة «وحينا» أيضا أن صنعالسفينة كان بتعليم اللّه، و ينبغي أنيكون كذلك، لأنّ نوحا عليه السّلام لم يكنبذاته ليعرف مدى الطوفان الذي سيحدث فيالمستقبل ليصنع السفينة بما يتناسب معه، وإنّما هو وحي اللّه الذي يعينه في