امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل جلد 6
لطفا منتظر باشید ...
الغرق و بمقتضى عفوه و غفرانه يتجاوز عنأخطائكم.و أخيرا حانت اللحظة الحاسمة، إذ صدرالأمر الإلهي فتلبدت السماء بالغيومكأنّها قطع الليل المظلم، و تراكم بعضهاعلى بعض بشكل لم يسبق له مثيل، و تتابعتأصوات الرعد و ومضات البرق في السماء كلهاتخبر عن حادثة «مهولة و مرعبة جدّا».شرع المطر و توالى مسرعا منهمرا أكثرفأكثر، و كما يصفه القرآن في سورة القمرفَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍمُنْهَمِرٍ وَ فَجَّرْنَا الْأَرْضَعُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلىأَمْرٍ قَدْ قُدِرَ.و من جهة أخرى ارتفعت المياه الجوفيةبصورة رهيبة بحيث تفجرت عيون الماء من كلمكان.و هكذا اتصلت مياه الأرض بمياه السماء،فلم يبق جبل و لا واد و لا تلعة و لا نجدإلّا استوعبه الماء و صار بحرا محيطاخضمّا .. أمّا الأمواج فكانت على أثرالرياح الشديدة تتلاطم و تغدو كالجبال. وسفينة نوح و من معه تمضي في هذا البحر وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍكَالْجِبالِ وَ نادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ يا بُنَيَّ ارْكَبْمَعَنا وَ لا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَفإنّ مصيرك الى الفناء إذا لم تركب معنا.لم يكن نوح هذا النّبي العظيم أبا فحسب،بل كان مربيّا لا يعرف التعب و النصب، ومتفائلا بالأمل الكبير بحيث لم ييأس منابنه القاسي القلب، فناداه عسى أن يستجيبله، و لكن- للأسف- كان أثر المحيط السيءعليه أكبر من تأثير قلب أبيه المتحرّقعليه.لذلك فإنّ هذا الولد اللجوج الأحمق، وظنّا منه أن ينجو من غضب اللّه أجاب والدهنوحا و قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍيَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ و لكنّ نوحا لمييأس مرّة أخرى فنصحه أن يترك غروره و يركبمعه و قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْأَمْرِ اللَّهِ و لا ينجو من هذا الغرقإلّا من شمله لطف اللّه إِلَّا مَنْرَحِمَ.