امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل جلد 6
لطفا منتظر باشید ...
لا هذا و لا ذاك؟! و قد جنح البعض إلىالإفراط إلى درجة أنّهم أساؤوا إلى مقامالنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم و ساحتهالمقدّسة، و زعموا أن الآيات المذكورةأنفا دليل على إمكان صدور العصيان و الذنبمن قبل النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم،و لم يراعوا- على الأقل- الأدب الذي رعاهاللّه العظيم في تعبيره عن نبيّه الكريم،إذ بدأ بالعفو ثمّ ثنى بالعتاب والمؤاخذة، فوقعوا في ضلال عجيب.و الإنصاف أنّه لا دليل في الآية على صدورأي ذنب أو معصية من النّبي صلّى الله عليهوآله وسلّم و حتى ظاهر الآية لا يدلّ علىذلك، لأنّ جميع القرائن تثبت أن النّبيسواء أذن لهم أم لم يأذن، فإنّهم لم يكونواليساهموا في معركة تبوك، و على فرضمساهمتهم فيها لم يحلّوا مشكلة من أمرالمسلمين، بل يزيدون الطين بلة، كما سنقرأفي الآيات التالية قوله تعالى: لَوْخَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّاخَبالًا.فبناء على ذلك فإنّ المسلمين لم يفقدواأيّة مصلحة بإذن النّبي لأولئكبالانصراف، غاية الأمر أنّه لو لم يأذنالنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لهمفسرعان ما ينكشف أمرهم و يعرفهم المسلمون،غير أنّ هذا الموضوع لم يكن من الأهميةبحيث أنّ ذهابهم و فقدانهم موجبا لارتكابذنب أو عصيان.و ربّما يمكن أن يسمى ذلك تركا للأولىفحسب، بمعنى أنّ إذن النّبي لهم في تلكالظروف، و بما أظهره أولئك المنافقون منالأعذار بأيمانهم، و إن لم يكن أمرا سيئا،إلّا أن ترك الإذن كان أفضل منه، لتعرف هذهالجماعة بسرعة.كما يحتمل في تفسير الآية هو أنّ العتابأو الخطاب المذكور آنفا إنّما هو على سبيلالكناية، و لم يكن في الأمر حتى «تركالأولى» بل المراد بيان روح النفاق فيالمنافقين ببيان لطيف و كناية في المقام.و يمكن أن يتّضح هذا الموضوع بذكر مثالفلنفرض أن ظالما يريد أن يلطم وجه ابنك،إلّا أن أحد أصدقائك يحول بينه و بين مرادهفيمسك يده فقد تكون