3- هداية اللّه و إضلاله:
ظاهر عبارة الآية المذكورة يوحي بأنالهداية و الضلال جبريان و مرتبطان بإرادةاللّه تعالى. بينما العبارة الأخيرة منالآية توضح أن الهداية و الضلال مترتبانعلى أعمال الإنسان نفسه.و لمزيد من التوضيح نقول: إن أعمالالإنسان و تصرفاته لها نتائج و ثمارمعيّنة. لو كان العمل صالحا فنتيجته مزيدمن التوفيق و الهداية في السير نحو اللّه ومزيد من أداء الأعمال الصالحة. يقول تعالى:يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْتَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْفُرْقاناً «1».و إن جنح الإنسان نحو المنكرات، فانالظلمات تتراكم على قلبه، و يزداد نهمالارتكاب المحرمات، و قد يبلغ به الأمر إلىأن ينكر خالقه، قال تعالى: ثُمَّ كانَعاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواىأَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ «2». و قالأيضا: فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُقُلُوبَهُمْ «3».و الآية التي يدور حولها بحثنا شاهد آخرعلى ذلك حيث يقول تعالى: وَ ما يُضِلُّبِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ.ممّا تقدم يتضح أن الإنسان حرّ في انتخابالطريق في بداية الأمر، و هذه حقيقةيقبلها ضمير كل إنسان، ثم على الإنسان بعدذلك أن ينتظر النتائج الحتمية لأعماله.بعبارة موجزة: الهداية و الضلالة- فيالمفهوم القرآني- لا يعنيان الإجبار علىانتخاب الطريق الصحيح أو الخاطئ، بل إنالهداية- المفهومة من الآيات المتعدّدة-تعني توفّر سبل السعادة، و الإضلال: يعنيزوال الأرضية المساعدة للهداية، دون أنيكون هناك إجبار في المسألة.1- الأنفال، 29.2- الروم، 10.3- الصف، 5.