آخر صفة في هذه السلسلة من الصفات التيقررها القرآن للمتقين وَ بِالْآخِرَةِهُمْ يُوقِنُونَ.إنهم يوقنون بأن الإنسان لم يخلق هملا وعبثا، فالخليقة عينت للكائن البشري مسيرةتكاملية لا تنتهي إطلاقا بموته، إذ لو كانالموت نهاية المسير لكانت حياة الإنسانعبثا لا طائل تحته.المتّقون يقرّون بأن عدالة اللّه المطلقةتنتظر الجميع، و لا شيء من أعمال البشرفي هذه الدنيا يبقى بدون جزاء.هذا اللون من التفكير يبعث في نفس حاملهالهدوء و السكينة، و يجعله يتحمل أعباءالمسؤولية و مشاقها بصدر رحب، و يقف أمامالحوادث كالطود الأشمّ، و يرفض الخضوعللظلم. و هذا التفكير يملأ الإنسان ثقة بأنالأعمال- صالحها و طالحها- لها جزاء وعقاب، و بأنه ينتقل بعد الموت إلى عالمأرحب خال من كل ألوان الظلم، يتمتع فيهبرحمة اللّه الواسعة و ألطافه الغزيرة.الإيمان بالآخرة يعني شقّ حاجز عالمالمادة و الدخول إلى عالم أسمى.و يعني أن عالمنا هذا مزرعة لذلك العالمالأسمى و مدرسة إعدادية له، و أنّ الحياةفي هذا العالم ليست هدفا نهائيّا، بلتمهيد و إعداد للعالم الآخر.الحياة في هذا العالم شبيهة بحياةالمرحلة الجنينية، فهي ليست هدفا لخلقةالإنسان، بل مرحلة تكاملية من أجل حياةاخرى. و ما لم يولد هذا الجنين سالما خاليامن العيوب، لا يستطيع أن يعيش سعيدا فيالحياة التالية.الإيمان بيوم القيامة له أثر عميق فيتربية الإنسان. يهبه الشجاعة و الشهامة،