2- من هم الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ، و من همالضَّالِّينَ؟
يتضح من الآية الكريمة أن الْمَغْضُوبِعَلَيْهِمْ و الضَّالِّينَ مجموعتان لامجموعة واحدة، و أما الفرق بينهما ففيهثلاثة أقوال:1- يستفاد من استعمال التعبيرين في القرآنأنّ «المغضوب عليهم» أسوأ و أحطّ من«الضّالّين»، أي إنّ الضّالين همالتائهون العاديّون، و المغضوب عليهم همالمنحرفون المعاندون، أو المنافقون، ولذلك استحقوا لعن اللّه و غضبه.قال تعالى: وَ لكِنْ مَنْ شَرَحَبِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْغَضَبٌ مِنَ اللَّهِ «1».و قال سبحانه: وَ يُعَذِّبَالْمُنافِقِينَ وَ الْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَ الْمُشْرِكاتِالظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّالسَّوْءِ، عَلَيْهِمْ دائِرَةُالسَّوْءِ وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْوَ لَعَنَهُمْ وَ أَعَدَّ لَهُمْجَهَنَّمَ «2».الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ إذن يسلكون-إضافة إلى كفرهم- طريق اللجاج و العناد ومعاداة الحق، و لا يألون جهدا في توجيهألوان التنكيل و التعذيب لقادة الدعوةالإلهية.يقول سبحانه: وَ باؤُ بِغَضَبٍ مِنَاللَّهِ ... ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوايَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِحَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوايَعْتَدُونَ «3».2- ذهب جمع من المفسرين إلى أن المقصود منالضَّالِّينَ المنحرفون من النصارى، والْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ المنحرفون مناليهود.هذا الفهم ينطلق من مواقف هذين الفريقينتجاه الدعوة الإسلامية. فالقرآن يصرّحمرارا أنّ المنحرفين من اليهود كانوايكنون عداءا شديدا و حقدا دفينا للإسلام.مع أن علماء اليهود كانوا من مبشّري ظهورالإسلام، لكنهم تحوّلوا إلى أعداء ألدّاءللإسلام لدى انتشار الدعوة لأسباب عديدةلا مجال لذكرها، منها تعرّض1- النحل، 106.2- الفتح، 6.3- آل عمران، 112.