الوراثة والتربية:
وبعد أن تطرقنا بصورة موجزة إلى القضاءوالقدر وبيان علاقته بالارادة البشرية،ندخل إلى صلب الموضوع.إن الطفل يرث في رحم الأم صفات الآباءوالأمهات، وهذا الأمر خاضع للقضاء والقدر.والصفات التي تنتقل بالوراثة تكون علىنحوين: فقسم منها يكون على نحو القضاءوالقدر الحتمي والمصير. القطعي الذي يبقىمدى الحياة ملازماً للطفل، وفي هذه الصورةتكون ظروف الرحم (علة تامة) لتلك الصفات.والقسم الثاني ما يكون على نحو العواملالسماعدة في انتقالها إلى الأبناء، فهيليست مصيراً حتمياً وفي هذه الصورة تكونظروف الرحم (عاملاً مساعداً) لها.«يتحدد مصير أفراد معينين بشكل قاطع فيحين يتوقف مصير آخرين ـ إن كثيراً أوقليلاً ـ على أحوال نموهم» (1).«من المعروف أن ضعف العقل والجنونوالاستعداد الوراثي للنزف الدمي والصمموالبكم نقائص وراثية... كذلك تنتقل أمراضمعينة كالسرطان والسل... ألخ من الآباء إلىالأبناء ولكن كاستعداد فقط، وقد تعوقأحوال النمو ظهور هذه الأمراض أو تساعدعلى تحققها...» (2).وكما أن لون البشرة والعين أو قصر النظرفي العين من الأمور الوارثية التي لا تقبلالتغيير فإن الجنون الوراثي أيضاً منالعيوب التي لا تقبل(1) الانسان ذلك المجهول ص 197.(2) المصدر السابق ص 196.