السعادة في المدنية الحديثة: - طفل بین الوراثة و التربیة جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
السالكين في هذا الطريق يسعون بجدواجتهاد لحرمان الجسد من ميوله وأهوائه،ويعذبون أجسادهم بالنوم على المسامير أوالتعليق من غصن شجرة وما شابه ذلك منأساليب التعذيب أملاً في الحصول علىالسعادة المعنوية الكاملة.
3 ـ وطائفة ثالثة تعتقد بالمبدأ النفسي فيسعادة الانسان أيضاً، ولكنها في نفس الوقتلا تغمط الجسد حقه. هؤلاء يقولون: إنالسعادة الحقيقية تكمن في التكامل الروحيويجب الاعتناء به كثيراً، ولكن لا ينبغيالتغافل عن إرضاء الميول الجنسية الخارجةعن حريم السعادة. ويؤكدون على نقطة مهمة هيأن كل ما كان مشتركاً بين الانسانوالحيوان من الصفات والميول والشهوات فهوخارج عن نطاق السعادة الانسانية، ولذلكيقول قائلهم: «إن ما كان منها عاماًللانسان والبهائم فليست سعادة لنا» (1).
إن نقطة الاشتراك بين هذه العقائد الثلاثالتي كان لها أنصار في الأزمنة الغابرةبين الفلاسفة والحكماء اليونانيين وغيرهممن الناس طوال القرون المتمادية، هي أنالجانب النفسي فقط هو الذي يراعى فيهويفقد الجانب البدني الاعتناء والمراعاةاللازمة، فالجسد عندهم يفقد قيمتهالحقيقية وليس له أي دخل في تحقيق السعادةالبشرية. والميول والرغبات المادية تلاقيحرماناً وكبتاً شديدين في نظرهم، حتى أنهالتقع تحت مطرقة الرياضة النفسية الثقيلةوالتعذيب الشديد... ولا يخفى على من له مسكةمن العقل أن هذا هو الشقاء والحرمانبعينه، وليس موصلاً إلى السعادة ـ كمايظنون ـ أبداً.
السعادة في المدنية الحديثة:
وتعرف السعادة في العالم اليوم ـ وفي كنفالمدنية الحديثة ـ بلون آخر، وتفسر بتفسيرمضاد لتفسير الأمم السالفة والعصورالقديمة مضادة تامة. فبينما كان أولئكيرون أن الأصل في الوصول إلى السعادة هوالكمال