«فالعواطف ـ كما هو معروف جيداً ـ هي التيتقرر تمدد أو تقلص الأوردة الصغيرة عنطريق الأعصاب المحركة، فهي إذن تقترنبتغييرات في دورة الدم في الخلاياوالأعضاء. فالفرح يجعل جلد الوجه يتوهج فيحين يكسبه الغضب والخوف لوناً أبيض... وقدتحدث الأنباء السيئة تقلصاً في الأوردةالجوفاء أو أنيميا القلب، والموت المفاجئفي أشخاص معينين، كما أن الحالات العاطفيةتؤثر في الغدد كلها، وذلك بزيادة دورتهاأو نقصها... أنها تنبه أو تقف الافرازات أوتحدث تعديلاً في تركيبها الكيميائي...فالرغبة في الطعام تثير اللعاب حتى ولو لميكن هناك أي طعام... فكلاب بافلوف كانلعابها يسيل على أثر سماعها صوت جرس، لأنجرساً دق قبل ذلك، حينما كان الحيواناتتطعم. وقد تؤدي العاطفة إلى إثارة نشاطعمليات ميكانيكية معقدة. فبينما يثيرالانسان عاطفة الخوف في القط، كما فعل(كانون) في تجربته المشهورة، فإن أوعية غدد(السوبرارينال) تتمدد، وتفرز الغددالادرينالين. ويزيد الادرينالين ضغط الدموسرعة دورته ويهيء الجسم كله إما للهجومأو للدفاع... إن العواطف تحدث تعديلاتكبيرة في الأنسجة والأخلاط. وبالأخص فيالأشخاص الشديدي الحساية... فقد ابيض شعررأس امرأة بلجيكية كان الألمان قد حكمواعليها بالاعدام في الليلة السابقة لتنفيذالحكم فيها... وثمة امرأة أخرى أصيبت بطفحجلدي في أثناؤ إحدى الغارات الجوية، وكانهذا الطفح يزداد احمراراً وإتساعاً بعدانفجار كل قنبلة ومثل هذه الظواهر بعيدةعن أن تكون استثنائية أو شاذة. فقد برهن(جولترين) على أن الصدمة الأدبية قد تحدثتغييرات ملحوظة في الدم. إذ حدث أن تعرضأحد المرضى لخوف عظيم فهبط ضغط دمه فنقصعدد كريات