إن الأثر الأول الذي يظهر من إحياءالمعرفة الفطرية والايمان بالله والذييقسم الناس إلى صنفين: مؤلهين وماديين، هونظرتهم إلى الكون فالالهيون يرون أن هذاالكون عبارة عن هيكل عظيم وضخم أسس بعلمالله تعالى وإرادته على أساس المصلحةوالحكمة، أما الماديون فيرون أن الكونعبارة عن مجموعة أوجدتها الصدفة العمياءالصماء، بلا علم أو اختيار.الالهيون يرون أن الانسان موجود ممتازخلقه الله مع قابلية التعالي والتكاملالذي لا يقف عند حد وسوى له طريق التقدم فيظل العقل. أما الماديون فيرون أن الانسانوجد على أثر طائفة من العوامل الاتفاقيةوحصل على العقل عن طريق الصدفة، وصار بهذهالصورة الحاضرة.الالهيون يرون أن الوجدان الخلقي ثروةثمينة أودعها الله تعالى في باطن الانسانلضمان سعادته، وأن الخالق الحكيم الذي هيألكل موجود ما يساعده في التكيف لظروفالحياة هو الذي منح للانسان هذه الطاقةالجبارة (الوجدان) ليميز في ظلها بين الخيروالشر، ويسير في طريق التعالي النفسي،والتكامل الروحي. أما الماديون فانهم يرونأن الوجدان الانساني يشبه الانسان نفسه فيكونه وليداً للصدفة، وواقعاً على سبيلالإتفاق.الالهيون يرون أن الانقياد إلى أوامرالوجدان إنما هو انقياد للهدايةالتكوينية التي أوجدها الله الذي يجبالخير والسعادة للانسان، وهم يرون أنالوجدان الأخلاقي قوة مقدسة، ومشعل وضاء،أشعله الخالق العظيم في باطن كل إنسان.ولذلك فانهم ينظرون إلى هذه الثروةالعظمية التي هي منحة الله تعالى بعينالتكريم والاحترام. ويرون طريق الساعدةوالفلاح منحصراً في تنفيذ أوامرها. أماالماديون فيرون أن الوجدان ـ وهو معلولللصدفة العمياء الصماء ـ لا يتصور له أياحترام أو تقديس ولا ضرورة في تنفيذأوامره أصلاً، لأنه لم يوجد تبعاً للعلموالمصلحة.