إنحطاط البشرية:
وهنا لا بد من الانتباه إلى نكتة مهمة،وهي أن الذنب ـ بغض النظر عن الأخطار الييتضمنها في الإخلال بالنظام العامالإضرار بالمصالح الفردية والاجتماعية ـهو أهم عوامل انحطاط البشرية وتقهقرها.فالمذنبون ليسوا متمتعين بالمزاياالانسانية الشريفة والكمالات المعنوية،فإن ظلمة الذنب تصير حجاباً يخفي نورانيةالقلب وصفاء الباطن. والمجرم قبل أن يلحقالضرر بالمجتمع أو بنفسه، يعمل على انهيارشخصيته ويكبت الروح الخيرة في أعماقه.فعلى من يرغب في الفضائل الانسانية ويحبالكمال والتعالي الروحي أن ينزه نفسه عنظلمة الذنب والإجرام.يقل الإمام علي (ع): «من أحب المكارم إجتنبالمحارم» (1).وفي حديث آخر عنه (ع): «من ترك الشهوات كانحراً» (2).التفكير في الذنب:
إن الاسلام يخطو خطوة أوسع في هذا المجال،ويقول بأن الانسان الواقعي هوالذي لايكتفي بترك الذنوب فحسب، بل لا يفسحمجالاً في ذهنه وفكره للتفكير في الذنب،ولا يدع الفكرة المظلمة تمر بخاطره... فإنالتفكير في الذنب حتى ولو لم يصل إلى مرحلةالتطبيق، يوجد ظلمة روحية في القلب ويمحوالصفاء الروحي من الانسان.يقول الإمام أمير المؤمنين (ع): «صيامالقلب عن الفكر في الآثام، أفضل من صيامالبطن عن الطعام» (3).(1) الارشاد للشيخ المفيد ص 141.(2) بحار الأنوار للشيخ المجلسي ج 17|67.(3) غرر الحكم ودرر الكلم للآمدي ص 203 طبعةدار الثقافة ـ النجف الأشرف.