الجزاء العاجل:
إن القوانين الطبيعية تمتاز بأن مخالفتهاتؤدي إلى أن يلاقي الفرد جزاءه عاجلاً،ولذلك فإن الناس يخافون الخروج عليها...النار تحرق فوراً، الغاز يخنق رأساً،ولذلك فإن هذه القوانين تقابل بالاطاعةالتامة والانقياد الكامل، ومعها يضطرالمريض إلى إطاعة أوامر الطبيب حينمايصطدم بالآم شديدة وحمى قوية وضعف تام بعدمضي ساعة على مخالفتها.وهكذا، فالمجرمون الذين يخرجون علىالقوانين الاجتماعية إذا وجدوا أنفسهمأمام عقوبات صارمة كالسجن مع الأعمالالشاقة أو الإعدام مثلاً فإنهم يضطرون إلىإطاعة القانون واحترامه. ويحذرون من تجاوزحدودهم المقررة في إطار القانون.إلا أنه توجد في القوانين السماويةذنوباً وجرائم، يكون الجزاء عليها فيالدنيا بطيئاً وفي الآخرة أبطأ. ولهذا فإنكثيراً من الناس لا يرتدعون عن ارتكابها ـأو لا يجدون في أنفسهم خوفاً من ارتكابهاعلى الأقل ـ ظانين أنهم في حصن حصين عنالجزاء. ولقد رأينا كيف حدثنا التاريخبالجريمة الكبرى التي ارتكبها عمر بن سعدفي قتل الامام أبي عبدالله الحسين (ع) حيثوقع أسير التفكير الخاطئ الذي وجد نفسه ـمعه ـ في أمن من العقاب لكونه بطيئاً غيرمعجل، ولذلك فقد سمع يردد ـ «وهل عاقل باعالوجود بدين ؟!!». إذ أن إمارة ري كانتمعجلة بينما جزاء يوم القيامة بعيد وآجل...وعليه فلا يجب ترك العاجل بالآجل.بينما نجد القرآن الكريم يفند هذهالفكرة، وينبه الناس إلى ضرورة(1) وهذا هو السر في الصرامة الشدة التييفرضها الاسلام في عقوباته، مما جعلالجهال يتحاملون عليه بأنه ليس ديناًصالحاً للتطبيق. والحال أن التجارب تثبتعكس ذلك.