خوف الطفل من الأب:
عندما يكون الخوف من الأب، الأب السيءالخلق والقاسي، الأب الذي يتحجج ويتعنت،الأب الذي يفحش في القول ويضرب أبناءه بلاسبب فيجازي أبسط الزلات بأكبر العقوبات،الأب الذي يثأر لأتعابه الخارجية فينتقممن أطفاله الأبرياء، والذي يحل عقدة الفشلالتجاري أو الإداري أو الاجتماعي عندهبإيذائهم... ففي الأسرة التي يحكمها مثلهذا الأب لا تحترم الأمانة والاستقامة،ولا تعرف الفضيلة والأخلاق، إنما المهم فينظر الأطفال إرضاء أبيهم المستبد، واتقاءشره!.إن العصر الحديث يخطئ من الناحية العلميةوالتربوية، طريقة ضرب الأطفال وإيذائهمبغية التأديب، ويكاد يمنع الضرب في جميعالدول الحية فيحذر الآباء والأمهات فيالبيت، والمعلمون في المدرسة، عن ضربالأطفال بصورة أكيدة.قد يتصور البعض أن هذه النظرية مبتكرة فيعصرنا الحاضر، وأن الانتباه إلى أهمية هذاالموضوع حصل في الحديث فقط. بينما نرى منالضروري أن نرفع هذا الوهم عن أذهان أولئكونقول بصراحة: إن الاسلام سبقهم إلى ذلك...فعلاوة على الروايات في المنع من ضربالأطفال، أفتى الفقهاء المسلمون فيالقرون الماضية بحرمة ذلك في رسائلهمالعملية التي تعد المناهج اليومية لعملالمسلمين.«قال بعضهم: شكوت إلى أبي الحسن (ع) إبناًلي، فقال: لا تضربه واهجره... ولا تطل» (1).ففي هذا الحديث نجد أن الإمام يمنع من ضربالطفل بصراحة، مستفيداً من العقوبةالعاطفية بدلاً من العقوبة البدنية. فالأبهو الملجأ الوحيد للطفل ومعقد آماله، وإنهجره للولد أكبر عوقبة روحية ومعنوية إنه(1) بحار الأنوار للمجلسي ج 23|114. ومعنىالهجر: إظهار عدم الرضا بأعماله وعدمالاعتناء إليه.