المدنية والأمراض الروحية:
... ولكن هذه الانتصارات التي أحرزهاالانسان في مختلف الميادين لم تقدر علىإيجاد التطامن الفكري والارتياح الروحيللبشر، بل نجد الأمر على عكس ذلك، فبنفسالنسبة التي تتقدم فيها المدنية وتهيئوسائل جلب اللذة والشهوات للبشر نجد أناضطرابه وانزجاره، شقاءه وبؤسه يزداد. إنالأمراض الروحية والعصبية والاختلالاتالعقلية والجنون أضحت مثل سحب سوداءوخطيرة قد سيطرت على أفق الدول المتمدنةبصورة فظيعة مخيفة.«لقد كتبت الجرائد الرسمية الامريكية، فيمطلع هذا العام أن في العام الماضي بلغمصرف الأقراص المنومة والمهدئة للأعصاب،والخاصة للأمراض الروحية المستعملة فيأمريكا مائتي مليون دولار. هذا الرقمالهائل إنما هو للأدوية المستعملة فيحالات ضعف الأعصاب والقلق الفكري، أماالأقراص المسكنة للأوجاع أمثال الأسبرينفانها تشمل مبالغ طائلة أخرى من ميزانيةالدولة» (1)إن الدول العظمى في العالم تعمل علىاستئصال جذور الأمراض المختلفة بمختلفالوسائل العلمية والتطبيقية، لتخلصشعوبها من شر التيفوئيد والهيضةوالملاريا ونحوها، ولكنها بدلاً عن ذلك قدملأت المستشفيات بالمصابين بالأمراضالروحية والعقلية، وتزيد من عددهم الهائليوماً بعد يوم.«ومن العجيب أن الأمراض العقلية أكثرعدداً من جميع الأمراض الأخرى مجتمعة.ولهذا فإن مستشفيات المجاذيب تعجبنزلائها وتعجز عن استقبال جميع الذين يجبحجزهم... ويقول س. و. بيرسي: إن شخصاً من كل 22شخصاً من سكان نيويورك يجب إدخاله أحدمستشفيات الأمراض العقلية بين حين وحين،وفي الولايات المتحدة تبدي المستشفياتعنايتها لعدد من ضعاف العقول يعادل أكثرمن(1) جريدة (إطلاعات) الايرانية العدد 10163.