لقد سبق أن قلنا: إن الوجدان الأخلاقييدرك كثيراً من أمهات الفضائل والرذائل،ولا ينحصر ذلك الادراك بقبح القتل، الذيحللناه تحليلاً مفصلاً، وتعرفنا فيه إلىعبارات فرويد ونظرياته وكنموذج آخرنستعرض قبح الخيانة في نظر الوجدان.لنفرض طفلاً يملك تفاحة، ويودع تفاحة،ويودع تفاحته عند آخر ليذهب إلى غسل يديهويرجع. إنه يتوقع ـ طبيعياً ـ وينتظر ـفطرياً ـ أن يسترجع أمانته. فإذا جاء ووجدأن الطفل الآخر قد أكل التفاحة فانه يتألمويلومه ويدينه بفعل قبيح. وأما الطفل الذيأكل التفاحة فانه هو الآخر يحس بالتألم،ويضطرب، يصفر وجهه، يحاول الفراروالابتعاد عن ساحة الخطيئة. وكذلك الأطفالالمتفرجون فانهم يعتبرون هذا الفعل خطأ،ويدركون بأن الذي أكل التفاحة قد ارتكبفعلاً قبيحاً. هذا الاحساس أو الشعور لايرتبط بالتعليم والتربية وإنما هو إدراكينبع من أعماق الفطرة وموجود عند جميعالأطفال.أما فرويد فانه ينكر القبح الفطريللخيانة، شأنه في سائر الأمور الفطريةالوجدانية، ويعتقد أن الانسان الأول كانلا يفهم شيئاً من الحسنات السيئاتالخلقية. وهنا نجد من المناسب أن نرجع إلىالقبيلة الوهمية التي تصورها فرويد لنجعلبحثنا يدور حولها.إذا كان فرويد يدعي أن أفراد القبيلةكانوا كقطيع من الأغنام لا يدركون معنىالأمانة أصلاً. فمن البديهي أن البحث عنقبح الخيانة يكون لغواً مع هذه الدعوى. إذيجب أن لا نتحدث عن قبح الخيانة مع الأغنامالتي لا تدرك الأمانة كي تدرك عكسها. ولكنالمفروض أن فرويد لا يستطيع أن