إن الغرائز والميول البشرية تشبه النهرالذي تقوم عليه الحياة الفرديةوالاجتماعية. فإن كانت الاستجابة لهابصورة معقولة وحسب مقاييس ثابتة فانهاتمنح الحياة نشاطاً وحيوية، أما إذا أرضيتبالصورة الفوضوية العارمة ومن دون نظام أوترتيب فلا شك في أنها تؤدي إلى الشقاءوالانهيار. وبعبارة أخرى: فكما أن النهركان مسخراً لصالح الناس تارة وكان الناسمسخرين لتأثير النهر تارة أخرى، كذلكالغرائز فانها قد تخضع لقيادة العقل، وقديخضع العقل لقيادة الغرائز. إن السعادةتتحقق متى خضعت الميول جميعها لسيطرةالعقل، وكانت منقادة لأوامره ومقرراته.هذا الكلام مقبول لدى جميع الماديينوالمتألهين في العالم، فقد أقر العقلاءوالعلماء جميعهم بأن الانقياد للغرائزوإرضاءها بلا قيد أو شرط يتنافى مع التمدنوالسعادة البشرية.«تقضي الحياة، وخصوصاً الحياةالاجتماعية للانسان، أن تهدى الغرائزالأولى منذ البداية، وتوجه نحو الأهدافالاجتماعية، وبصورة أوضح نقول: كما أنهيجب إقامة سد أمام مجرى الماء لادارة محركمن المحركات المعتمدة على قوة