إن من المؤسف أن الحياة العصرية قد انحرفتبالبشر عن طريق الفطرة وقصرت اهتمامها علىالجوانب المادية فقط. إن أكثر الأفراداليوم يرون البشرية من خلف منظار اللذائذوالشهوات، فيتناسون أهمية الجوانبالمعنوية. وعلى هذا الأسلوب من التفكيريربون أبناءهم أيضاً فيعطفون جل اهتمامهمعلى العيش الرغيد والالتذاذ أكثر، في حينأن اهتمامهم بتربية الايمان الفطريوالسجايا الخلقية والواجبات الروحية... لايبلغ الواحد في المائة من العنايةبالجوانب المادية، ولا شك في أن الانحرافعن طريق الفطرة لا يبقى بلا عقاب.إن المدنية الحديثة تسيطر على العالم منذمدة، والعلماء يقفون كل يوم على حل رمزجديد من كتاب الكون، ويخطون خطوة جديدة فيطريق العلم، ويحرزون انتصارات عظيمة فيهذا السبيل. ولذلك فإن اسلوب المعيشة قدتغير والحياة ملئت جمالاً، وخضع البروالبحر والجو لسيطرة البشر، فالأكواخالمرطوبة المظلمة قد استبدلت بالقصورالضخمة الفاخرة المجهزة بجميع وسائلالراحة. وهكذا حلت النفاثات الجميلةالقوية محل الفرس والجمل حيث توصل المسافرفي أتم الراحة وأسرع الوقت إلى مقصده. ولاغرابة إذا رأينا أن المغازل اليدويةللعجائز وأدوات الحياكة اليدوية للشيوختخلي مكانها لمعامل الغزل والنسيجالاوتوماتيكية، وهكذا خرجت الزراعة عنشكلها القديم، وبدأ المزارعون العمل فيالحقول بأحدث المكائن الزراعية وفقاًلأحدث النظريات العلمية... وبصورة موجزة:نرى أن العلم قد أخذ طريقه إلى جميع مظاهرالحياة، مضيئاً ـ كالشمس ـ كل مكان،ومنظماً وسائل الراحة المادية والرفاه فيالعيش.