الرياء والتظاهر:
أما الأعمال الصالحة التي لا تملك أساساًإيماناً ثابتاً، بل يكون منشؤها هو الرياءوالتظاهر أمام الناس، أو العادةالاجتماعية... لا تبقى ثابتة أبداً، بل هيمعرضة للزوال أمام أبسط عامل مخالف.إن الاحسان إلى الناس وإعانة الضعفاء منالأعمال الصالحة فمن يقوم بهذا العمالمقدس امتثالاً لأمر الله واحتراماًللايمان، يعمل في كل مكان وبلا أي منة بليكون رائده الاخلاص وجلب رضى الله دونالنظر إلى مدح الناس وإطرائهم أما الذي لاينبع له إحسانه من رصيد إيماني بل يكوندافعه إلى ذلك ظروف المحيط، والتظاهر أمامالناس، وانتشار أمره في الصحف والمجلات،فبمجرد أن تنتفي ظواهر الاطراء والمدحوتنقطع المجلات عن الحديث عنه، أو يجهلالناس إحسانه نجد أنه يتقاعس عن الاحسان،أو يتخلى عنه تماماً:«يقول بعض الملحدين الذين يتميزون بصبغةأخلاقية: لما كانت المشكلة الأساسية هيإطاعة القوانين الأخلاقية فاننا لواستطعنا تنفيذ هذه القوانين لأصبحنا فيغنى عن الدين. هذا التفكير إنما هو علامةالجهل السيكولوجي. ذلك أن الانسان يشككدائماً في قيمة القواعد التي لا يعرفمنشأها، مضافاً إلى أن سلوكاً كهذا دليلعلى عدم فهم المشكلة نفسها. لأن المقصود أنيتكامل الانسان في باطنه أولاً كي يستطيعالتفكير بصورة أخلاقية، ليس الهدف أن نحثالانسان على أن يؤدي حركات أخلاقية. فما لميكن سلوك كل فرد مرآة تعكس تكامله العميقالداخلي، فإن عملياته تعد سلسلة منالتحديدات المتصنعة والموقتة التي تزولبأبسط مبرر. إن القواعد الأخلاقية إذافرضت على الانسان فرضاً فمهما كانت قيمتهاالعملية عالة، لكنها لا تستطيع أن تكافحالميول الحيوانية بصورة موفقة» (1).(1) سرنوشت بشر ص 216.