طفل بین الوراثة و التربیة جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
يدعي مثل ذلك، لأنه قال عند التحدث عنأبناء القبيلة الذين قتلوا أباهم:«ولم يكن مقدوراً لأحد الأولاد أن يحققأمنيته ويستحل منزلة أبيه إذ أنه على ذلككان يلاقي نفس مصير أبيه».يستفاد من هذه العبارة أن أفراد القبيلةالوهمية كانوا عقلاء مفكرين متعمقين إلىدرجة أنهم كانوا يشاهدون الستار الذي يكمنوراء ستار الرياسة، وكانوا يعلمون أنهمبقبولهم الرياسة سيلاقون نفس المصيرالمؤلم الذي لاقاه أبوهم من قبل، وبديهيإن إدراكاً كهذا يكون نتيجة التعقلوالتفكير، ومن الواضح أن القبيلةالخيالية لم تكن تحت سيطرة حكومة الغرائزالعمياء الصماء مثل الأغنام، بل كانوايدركون معنى الأمانة بكل وضوح.لنفرض أن إحدى نساء القبيلة خرجت فيالصباح إلى الغابة واستطاعت بعد عناء شديدأن تقطف بعض الفواكه لطعامها وطعامأطفالها، وقد جرحت بالأشواك... وفي أواخرالنهار تحمل الفواكه إلى حيث تسكنالقبيلة. وبما أن طفلها يضيع في أثناءالطريق، فانها تودع الثمار عند أحد أفرادالقبيلة الذي كان بالقرب من تلك المنطقة،وتعود إلى الغابة للبحث عن طفلها. وعندماترجع تجد أن الشخص الذي أودعت الثمار عندهقد وزعها بين أفراد أسرته وأكلوهاجميعاً... أليس هذا العمل مخالفاً لما كانتتتوقعه المرأة بفطرتها ؟ ألا تحس المرأةأن عملاً قبيحاً قد وقع ؟. ألا يحق لها أنتصيح وتولول وتضرب الخائن ؟. وإذا اجتمعأفراد القبيلةواطلعوا على القضية ألايسألون الخائن عن قبح فعله ؟ ألا يسمحونلتلك المرأة أن تأخذ حقها من الخائن ؟ ألاتدل هذه الردود الروحية على القبح الفطريللخيانة ؟! إن جواب فرويد على هذه الأسئلةكلها بالنفي. إنه يقول: إن الخيانة ليست منالناحية الفطرية فعلاً حسنا أو قبيحاً.ذلك لأن الانسان الأول لم يكن يدرك الحسنوالقبح.أما أتباع الرسالات السماوية، وكثير منالعلماء في الماضي والحاضر فانهم يرون أنقبح الخيانة ـ كسائر الوجدانيات ـ أصيل فيبناء الانسان. إن الله تعالى وهب الانسانثروة فطرية عظيمة لهدايته إلى الحياةالسعيدة، وليصل عن هذا الطريق إلى الكمالالانساني اللائق به، ولكن الانسان الحروالطليق