مصباح الفقیه جلد 3
لطفا منتظر باشید ...
القول عن العماني و السيد في احد قوليه و الحلى ثم ان القائلين بالحرمة اختلفوا على أقوال منهم من ذهب إلى انه حكم تكليفي محض لا يترتب عليه فساد الصوم كما عن الشيخ في الاستبصار و المصنف في المعتبرة و العلامة في المختلف و المنتهى و المحقق الثاني في حاشية الارشاد و الفخر و الشهيد الثاني و سبطه بل نسب إلى أكثر المتأخرين و قواه ايضا في المتن حيث انه بعد ان نقل القول بالحرمة و الكراهة قال و الاول اشبه ثم قال و هل يفسد بفعله الاشبه لا و عن جملة من الاصحاب منهم السيد في الانتصار و الشيخ في النهاية و الجمل و الاقتصار و ابن البراج انه موجب للقضاء و الكفارة بل عن ظاهر الدروس نسبته هذا القول إلى المشهور بل عن الغنية دعوى الاجماع عليه و حكى عن ابى الصلاح انه أوجب القضاء خاصة حجة القائلين بالحرمة اخبار مستفيضة منهاصححية الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلم قال الصائم يستنقع في الماء و لا يرمس رأسه و صحيحة حريز عن أبي عبد الله عليه السلم قال لا يرمس الصائم و لا المحرم رأسه في الماء و صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلم قال الصائم يستنقع في الماء و يصب على رأسه و يتبرد بالثوب و ينضح البور يا تحته و لا يغمس رأسه في الماء و خبر يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه السلم قال لا يرتمس المحرم في الماء و لا الصائم و مرسلة مثنى الحناط و الحسن الصيقل قال سئلت أبا عبد الله عليه السلم عن الصائم يرتمس في الماء قال لا و لا المحرم قال و سئلته عن الصائم أ يلبس الثوب المبول قال لا و خبر حنان بن سدير انه سئل أبا عبد الله عليه السلم عن الصائم يستنقع في الماء قال لا بأس و لكن لا ينغمس فيه و المرئة لا تستنقع في الماء لانها تحمل الماء بقبلها و المتبادر من مثل هذه النواهي المتعلقة بكيفيات العبادة إرادة الحكم الوضعي لا محض التكليف كما تقدم التنبيه عليه في نظائر المقام و أظهر منها دلالة على ذلك صحيحة اخرى لمحمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر عليه السلم يقول لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلث خصال أو أربع خصال كما عن الفقية و موضع من التذهيب الطعام و الشراب و النساء و الارتماس في الماء فان ظاهرها إرادة الاضرار به من حيث كونه صائما اى الاضرار بصومه كما فيما عداه من المذكورات فما عن الشهيد في شرح الارشاد من الجواب عن هذه الصحيحة بانه يكفى في الاضرار فعل المحرم مدفوع بمخالفته للظاهر و أظهر من هذه الرواية ايضا فيما ذكر قوله عليه السلم في المرفوعة المتقدمة في المسألة السابقة خمسة اشياء تفطر الصائم الاكل و الشرب و الجماع و الارتماس في الماء الحديث بل هذه الرواية كادت تكون صريحة في المدعى و هكذا عبارة الفقة الرضوي المتقدمة في تلك المسألة ايضا و يمكن الجواب اما عن المرفوعة كالرضوى فبضعف السند و اما عما عداهما من الاخبار المزبورة فبانها و ان كانت ظاهرة فيما ذكر و لكن يتعين صرفها عن هذا الظاهر جمعا بينها و بين موثقة اسحق بن عمار قال قلت لابيعبدالله عليه السلم رجل صائم ارتمس في الماء متعمدا ا عليه قضأ ذلك اليوم قال ليس عليه قضأ و لا يعودن فانها نص في عدم كون الارتماس مفسدا مع كونه منهيا عنه فيتجه حينئذ ما قواه في المتن و غيره من الحرمة دون الافساد و لكن يتوجه عليه ان رفع اليد عن ظهور النهى في الحرمة بهذه القرينة بجعله تنزيهيا أولى من رفع اليد عن ظهور الاخبار في إرادة الحكم الوضعي اى كونه مضرا بالصوم لا كونه من حيث هو حراما تعبديا محضا بل الصحيحة الاخيرة كادت ان تكون صريحة في ان مطلوبية تركه لكون فعله مضرا بالصوم و لكن قضية لاجمع بينها و بين الموثقة المصرحة بنفي القضاء حملها على كونه كلبس المبلول الذذى تعلق النهى به ايضا في رواية الحسن المتقدمة و استنقاع المرأة في الماء الذي جمع بين النهى عنه و النهى عن الغماس الرجل فيه في خبر حسان موجبا لنقص الصوم لا فساده كما ربما يؤيد هذا الجمع اى حمل النهى على الكراهة بل يشهد له خبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلم قال يكره للصائم ان يرتمس في الماء و ما يقال من ان الكراهة في كلمات الائمة كثيرا ما تستعمل بمعنى التحريم ففيه ان هذا الا ينفى ظهورها في الكراهة المصطلحة كظهور لفظ لا يصلح و لا ينبغي و أشباهها من الالفاظ التي هى في الاصل موضوعة للاعم و لكنه لا ينسبق إلى الذهن من اطلاقها الا الاخص خصوصا في مثل المقام الذي لو حمل على إرادة الحرمة لتعين صرفها الى إرادة محض التكليف الذي هو بعيد عن مساق هذا النحو من لا اخبار كما تقدمت الاشارة اليه اذ لو أريد به الحكم الوضعي لكان بمنزلة ما لو قال يكره للصائم ان يأكل و يشرب و هو كما تراه مستهجن عرفا و كيف كان فالجمع بين الاخبار بحملها على الكراهة أولى من حملها على الحرمة تعبدا مع اباء بعضها عن ذلك كالمرفوعة و الرضوى المتقدمين و استلزامه التقييد بالواجب المعين فان من المستبعد إرادة الحرمة تعبدا في صوم يجوز للمكلف ابطاله فلا ينسبق إلى الذهن ا راته من النص على تقدير كونه حراما تعبديا و تنظيره على التكتف في صلوة النافلة قياس مع الفارق إذا التكتف في الصلوة تشريع و هو مقتضى لحرمته على الاطلاق و هذا بخلاف الارتماس الذي هو في حد ذاته فعل سائغ فيبعد حرمته على الصائم تبعدا من ان يكون له ربط بصومه و لذا رحج في الحدائق القول بالابطال بانه لا يعقل ان يكون للنهي علة سوى ذلك و ان كان يتوجه على هذا التعليل ان لا احاطة للعقول بمناطات الاحكام الشرعية التعبدية كى يدعى فيه عدم المعقولية نعم هو يبعد عن الذهن فينصرف عنه النص و ان كان قد يرفع هذا الاستبعاد ايضا ما عن المصنف في المعتبر من توجيه بإمكان ان يكون حكمة التحريم تبعدا الاحتياط في الصوم حيث لا يأمن مع الارتماس من ان لا يصل الماء إلى جوفه من المنافذ و ما في الحدائق من تضعيف هذا التوجيه بانه انما يصلح وجها للكراهة لا للتحريم مدفوع بان هذه الحكمة كما انها مناسبة للكراهة كذلك مناسبة للتحريم كما فى سلوك طريق لا يأمن معه السلامة و لكن هذا انما يرفع الاستعاد عنه بالنسبة إلى الصوم الواجب لا المندوب الذي لا يحرم عليه إفساده كما لا يخفى و كيف كان فالقول بحرمته تعبدا لا يخلو عن بعد و اما القول بكراهته فهو غير بعيد بالنظر إلى ما يقتضيه الجمع بين خبرى عبد الله بن سنان و اسحق بن عمار و بين غيرهما من الاخبار المزبورة و لكن لا اعتماد على هذين الخبرين في صرف سائر النصوص عن ظواهرها بعد شذوذ القول بالكراهة لا يخلو عن اشكال و ان كان طرحهما ايضا ما لم يتحقق اعراض الاصحاب عنهما اشكل أللهم الا ان يقال ان ارتكاب التأويل في رواية الخصال التي وقع فيها التصريح بمفطرية الارتماس في غاية البعد فهي بحسب الظاهر معارضته لهذين الخبرين و ضعف سندها مجبور بالشهرة كما ان بها و اعتضادها بظواهر غيرها من الاخبار تترجج على ما يعارضها فيتقوى حينئذ القول بالافساد و لكن المقدمتين لا تخلو ان عن تأمل فالإِنصاف ان الالتزام بوجوب