مصباح الفقیه جلد 3
لطفا منتظر باشید ...
العمدية بلحاظ تعمده في الاخراج إلى الظاهر الذي يتم به سببيته للجنابة و لكن لا دليل على ان مطلق الجنابة التي يصح اتصافها بالعمد و لو بهذا الاعتبار موجبة للبطلان اذ الاخبار الدالة عليه وردت في الملاعبة و التقبيل و الجماع و نحوها فلا تتناول مثل الفرض و كلمات الاصحاب ايضا شاملة له فانهم و ان أطلقوا في فتاويهم و معاقد إجماعاتهم المحكية القول بان الجنابة العمدية مفسدة للصوم و لكن المتبادر من اطلاقها كونها من اصلها عن عمد كموارد الاخبار لا مثل الفرض نعم لو كان حصولها في الوقت الذي يجب الامساك عنه اختياريا بان احتلم مثلا في الليل في زمان يسع للغسل و لكن أمسك مائه اختيارا ثم أنزله في اليوم اندرج في موضوع كلماتهم اذ لافرق حينئذ بينه و بين ما لو حصل ذلك بسبب اختياري كما لو استمنى في الليل و أنزل في اليوم في كونه لدى العرف من المصاديق الواضحة للجنابة العمدية التي يمكن دعوى استفادتها من الاخبار الباب بالفحوى و عدم القول بالفصل بخلاف مسألة الاستبراء التي لا يلتفت الذهن أصلا إلى اسراء حكم الجنابة العمدية اليهاولذا لا يخطر بذهن المحتلم حين انتباهه من النوم الاستمساك لدى قدرته عليه و لا الامتناع من الاستبراء قبل الاغتسال و لو مع علمه ببقاء شيء من المنى في المجرى كمالا يخفى على من لاحظ ما استقر عليه سيرة المتشرعة ثم انه لو قلنا بمفطرية الاستبراء لدى العلم ببقاء المنى فليس مشقة الصبر عليه إلى الغروب او تضرره به معوجبا لرفع هذا الحكم كما هو الشان فيما لو تضرر بالامساك عن الجماع من المفطرات و الحقنة بالجامد جائزة على المشهور كما نسب إليهم خلافا لما عن المصنف في المعتبر من القول بحرمته تعبدا و قواه في المدارك و عن العلامة في المختلف القول بانه مفسدللصوم و عن الصدوق إطلاق القول بانه لا يجوز للصائم الاحتقان و عن المفيد انه أطلق القول بانه مفسد و عن السيد في جملة انه حكى عن قوم من اصحابنا وجوب القضاء و الكفارة بالحقنة و عن اخرين القضاء خاصة من تفصيل و عن ابن الجنيد انه قال يستحب للصائم الامتناع من الحقنة لانها تصل إلى الجوف و لكن لا يبعد ان يكون مراد من أطلق اسم الاحتقان هوالاحتقان بالمايع اذ لا يطلق عرفا على استدخال الجامد اسم الحقنة كما صرح به في المسالك و كيف كان فيدل على نفى الباس عن الحقنة بالجامد مضافا إلى الاصل و حصر ما يضر الصائم في غيره في الصحيح خصوص صحيحة على بن جعفر انه سئل اخاه عن الرجل و المراة هل يصلح لهما ان يستدخلا الدواء و هما صائمان فقال لا بأس و موثقة الحسن بن فضال المروية عن الكافى عن ابيه قال كتبت إلى ابى الحسن عليه السلم ما تقول في اللطف يستدخله الانسان و هو صائم فكتب عليه السلم لا بأس بالجامد و عن الشيخ باسناده مثله الا انه قال في التلطف من الاشياف و بهذه الموثقة يقيد إطلاق الصحيحة الاولى لو لم نقل بانصرافها في حد ذاتها إلى الجامد و لا يعارضها صحيحة البزنطى عن ابى الحسن عليه السلم انه سئله عن الرجل يحتقن يكون به العلة في شهر رمضان فقال الصائم لا يجوز له ان يحتقن لما تقدمت الاشارة اليه من ان الاحتقان لا يطلق عرفا على استدخال الجامد و لو سلم صدق اسمه عليه عرفا و عدم انصرافه عنه وجب تقييده بالموثقة التي هى حجة كافية كما تقرر في محله و بالمايع محرمة كما يدل عليه الصحيحة المزبورة و مفهوم القيد الوارد في الموثقة و يؤيده ايضا ما عن الرضوي قال لا يجوز للصائم ان يقطر في اذنه شيئا و لا يسعط و لا يحتقن و يفسد بها الصوم على تردد ينشأ من إمكان حمل الاخبار المزبورة على إرادة محض التكليف فيشكل حينئذ رفع اليد بها عما يقتضيه الاصل و الصحيحة الحاصرة لما يضر بالصائم و غيره و من هنا قوى في المدارك وفاقا لما حكاه عن الشيخ في جملة من كتبه و ابن إدريس و المصنف ( ره ) في المعتبر القول بحرمته تعبدا و لكن مع ذلك القول بالافساد أقوى اذ المتبادر من النهى في مثل هذه الموارد إرادة الحكم الوضعي لا محض التكليف بل في الجواهر الاقوى ان لم ينعقد إجماع كما حكاه في المختلف من السيد وجوب الكفارة به ايضا لاندراجه فيمن افطر متعمدا أللهم الا ان يدعى انسباق غيره منها و فيه بحث أقول دعوى الانسباق في محلها بل لا يقال عرفا على من افسد صومه بغير الاكل و الشرب بل الاحتقان او الجماع و نحوه او بالرياء و قصد غيره انه افطر بل يقال افسد او ابطل أللهم الا ان يدعى ظهوره في خصوص المقام اى في مثل قوله من افطر في شهر رمضان متعمدا فعليه عتق رقبة كما فى مكاتبة المشرقي في إرادة الاعم لمناسبته للحكم و لكنه لا يخلو عن تأمل خصوصا بعد وقوعه جوابا عن السوأل عن رجل افطر من شهر رمضان أياما كما لا يخفى فالقول بعدم الكفارة على تقدير عدم كونه إجماعيا ايضا اشبه بالقوا عدو الله العالم وهنا مسئلتان الاولى كلما ذكرنا انه يفسد الصيام عدى البقاء على الجنابة الذي تقدم بعض الكلام فيه و سيأتي تمامه عند التعرض لحكمه حال الجهل او النسيان انما يفسده إذا وقع عمدابان يكون مختارا في فعليه و ذاكرا لصومه سواء كان عالما بكونه مفطرا أو جاهلا على الاظهر سواء كان عن تقصير او قصور كما هو ظاهر المتن و غيره بل في المدارك نسبة القول بعدم الفرق بين الجاهل و العالم إلى الاكثر فقال بعد ان نفى الريب عن فساد صوم العامد العالم بذلك ما لفظه و انما الخلاف في الجاهل فذهب الاكثر الى فساد صومه كالعالم و قال ابن إدريس لو جاهل او افطر جاهلا بالتحريم فلا يجب عليه شيء و نحوه قال الشيخ في موضع من التهذيب و إطلاق كلامهما يقتضى سقوط القضاء و الكفارة و احتمله في المنتهى إلحاقا للجاهل بالناسي و قال المصنف ( ره ) في المعتبر و الذى يقوى عندي فساد صومه و وجوب القضاء دون الكفارة و إلى هذا القول ذهب أكثر المتأخرين و هو المعتمد انتهى ما في المدارك و فى الجواهر ذكر التفصيل بين الجاهل المقصر في السوأل فيجب عليه القضاء و الكفارة و بين غير المقصر لعدم تنبهه فلا يجب عليه الكفارة خاصة و قال اختاره بعض مشايخنا قولا رابعا ثم رجح في ذيل كلامه هذا القول و اختار شيخنا المرتضى ( ره ) هذا التفصيل و لكن لم يوجب على القاصر لا القضاء و لا الكفارة فهو قول خامس في المسألة أقول ما نسبه في المدارك إلى الاكثر من كون الجاهل بالحكم كالعالم ربما نسبه غيره إلى المشهور و استظهر منهم القول بوجوب القضاء و الكفارة و فى الاستظهار نظر اذ لا يظهر مما نسب إليهم الالتزام بمساوات الجاهل للعالم مطلقا بل في فساد صومه فلا يظهر من ذلك التزامهم بالكفارة و كيف كان فمستند القول بالفساد إطلاق ما دل على اعتبار الامساك عن الاشياء المزبورة في ماهية الصوم بل لا معنى للصوم الا الامساك عن تلك الاشياء فيمتنع تحقق مفهومه بدونه و تحققه