مصباح الفقیه جلد 3
لطفا منتظر باشید ...
و أما اللواحق : فهي إن الزكاة تجب في العين لا في الذمة على المشهور كما عن المفاتيح و غيره بل لم ينقل الخلاف فيه صريحا عن أحد من أصحابنا بل عن واحد دعوى إجماعهم عليه و المراد بوجوبها في العين تعلقها بها لا وجوب إخراجها منها فإنه يجوز الدفع من مال أخر كما ستعرف فمعني وجوبها في العين كون العين هي مورد هذا الحق لا الذمة و لذا عبر بعضهم في فتواه و معقد أجماعه بلفظ التعلق كما في عبارة شيخنا المرتضى ( ره ) فإنه قال الظاهر أنه لا خلاف بين الامامية في تعلق الزكاة بالعين و صرح في الايضاح بإجماع الامامية على ذلك و حكى دعوى الوفاق عن واحد نعم حكى في البيان عن أبن حمزة أنه حكى عن بعض الاصحاب تعلقها بالذمة أقول و ربما نسب هذا القول في كلماتهم إلى الشافعي عن المعتبر نسبته إلى بعض العامة و في المدارك قال في شرح عبارة المتن و إطلاق العبارة يقتضي عدم الفرق في ذلك بين كون المال الذي يجب فيه الزكاة حيوانا أو غلة أو أثمانا و بهذا التعميم صرح في المنتهى قال أنه قول علمائنا أجمع و به قال أكثر أهل العلم ثم قال و أستدل عليه بقوله عليه السلام في أربعين شاة شاة و في خمس من الابل شاة و في ثلاثين من البقر تبيع و فيما سقت السماء العشر و في عشرين مثقالا من الذهب نصف مثقال ظاهر هذه ألالفاظ وجوب الفرض في العين و بأنها لو وجبت في الذمة لتكررت في النصاب الواحد بتكرر الحول و لم تقدم على الدين مع بقاء عين النصاب إذا قصرت التركة و لم تسقط بتلف النصاب من تفريط لم يجز للساعي تتبع العين لو باعها المالك و هذا اللوازم باطلة أتفاقا فكذا الملزوم يدل عليه أيضا ما رواه الكليني في الصحيح عن عبد الرحمن أبن أبي عبد الله قال قلت لابي عبد الله عليه السلام رجل لم يزك أبله أو شاته عامين فباعها على من أشرتاها أن يزكيها لما مضى قال نعم يؤخذ زكاتها و يتبع بها البايع و يؤدي زكاتها البايع و ما رواه أبن بابويه عن أبي المعزاء عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن الله تبارك و تعالى شرك بين الفقراء و ألاغنياء في الاموال فليس لهم أن يصرفوا إلى شركائهم و الشركة إنما تصدق بالوجوب في العين ثم قال و حكى الشهيد في البيان عن أبن حمزة أنه نقل عن بعض الاصحاب وجوبها في الذمة و هذا القول حكاه المصنف ( ره ) في المعتبر عن بعض العامة محتجا على ذلك بأنها لو وجبت في العين لكان للمستحق إلزام المالك بألاداه من العين و لمنع المالك من التصرف في النصاب إلا مع إخراج الفرض ثم أجاب عن ألاول بالمنع من الملازمة فأن الزكاة وجبت جبرا و أرفاقا للفقير فجاز أن يكون العدول عن العين تخفيفا عن المالك ليسهل عليه دفعها قال و كذا الجواب عن جواز التصرف إذا ضمن الزكاة و هو حسن انتهى ما في المدارك أقول ما ذكروه وجها للقول بتعلقها بالذمة من أنها لو كانت متعلقة بالعين لكان للمستحق إلزام المالك بالاداء من المعين و لمنع المالك من التصرف في النصاب إلا مع إخراج الفرض ففيه إن هذا إنما يصلح دليلا لنفي تعلقها بالتعين على سبيل الشركة الحقيقة بطريق الاشاعة لا إثبات تعلقها بالذمة و لا ملازمة بين ألامرين فأن تعلق الزكاة بالعين يتصور على أنحاء أحدها إن يكون على سبيل الشركة الحقيقية بأن يكون للفقير في كل جزء منها بالفعل جزء مشاع يكون مجموعه معاد لا للفريضة عينا أو قيمة كما في الجنس و مقتضاه على هذا التقدير عدم جواز التصرف لاحد الشريكين إلا برضا الاخر إلى ذلك من أحكام الشركة إلا أن يدل دليل تعبدي على خلافه ثانيها أن يكون حق الفقير المتعلق بالعين من قبيل الكلي الخارجي أي شيء من مسمى الفرضة الغير الخارج من هذا العين كصاع من هذه الصبرة التي هي أربعين صاعا أو شاة من أربعين شاة على سبيل ألابهام و ألاجمال من تقييده بشيء من عوارضها المشخصة و هذا أيضا نحو من الشركة و لكنها لا تقتضي منع المالك عن التصرف عما زاد عن مقدار الفريضة و لكن هذا إنما يعقل فيما إذا كان مسمى الفريضة من أجزاء النصاب لا في مثل في خمس من الابل ثالثها استحقاق الفقير الفريضة التي سماها الشارع له من هذا العين كأستحقاق غرماء الميت من تركته حقهم و إن لم يكن من جنسه فالعين حينئذ مورد لهذا الحق من أن يكون الحق متقوما بها فإذا دفع المالك بل ألاجنبي مسمى الفريضة أليه فهو بمنزلة ما لو و في الوارث أو المتبرع دين الميت الذي تعلق بعد موته بتركته فقد أدى أليه عين ما يستحقه لابد له رابعها أن يكون من قبيل حق الجناية كما سيأتي أحتماله في عبارة الشهيد الاتية خامسها أن يكون من قبيل حق الرهانة كما سيأتي أحتماله أيضا في عبارة الشهيد و لكن مرجعه إلى التعلق بالذمة كما لا يخفى سادسها أن يكون حق الفقير المتعلق بالعين من قبيل حق من نذر له أن يتصدق عليه بشيء من ماله فهو ما لم يدفعه إلى الفقير بقصد التقرب لا يخرج عن ملك مالكه و لا يدخل في ملك الفقير فحق الفقير المتعلق بهذا المال قبل أن يصرف أليه هو استحقاق صرف شيء منه أليه لا كونه بالفعل مملوكا له و ملخص الكلام أن عدم جواز إلزام المالك بالاداء من العين و منعه عن التصرف في النصاب قبل الاخراج لا يدل على ثبوتها في ذمة المالك فالقول بتعلقها بالذمة مع الغض عن مخالفته للاجماعات المحكية المستفيضة مدفوع بمخالفته للاصل فأن مقتضاه عدم اشتغال ذمة المالك بشيء عدى ما دل عليه الصدقة و غيرها من أدلة وجوب الزكاة و هي بأسرها ناطقة بأن الله تعالى فرض على عباده في أموالهم الصدقة و أموالهم عبارة عن الاعيان الخارجية المملوكة لهم و قد خصها رسول الله صلى الله عليه و آله بتسعة أصناف فوضع الصدقة فيها و عفى عما سوى ذلك و هي كما تراها كادت تكون صريحة في أن الزكاة هي صدقة فرضها الله تعالى على العباد في أموالهم الزكاتية لا في ذممهم فهذا مما لا ينبغي الارتياب فيه و إنما الاشكال في كيفية تعلقها بالمال من أنه هل هو من باب الشركة أو ذلك من أنحاء التعلق مما تقدمت الاشارة أليه و قد صرح العلامة في التذكرة بوجوب الزكاة في العين و نسبه في عدة مواضع منها ألى أصحابنا بحيث يظهر منه دعوى إجماعهم عليه و مع ذلك قال الاقرب عندي جواز تصرف المالك في النصاب الذي وجبت فيه الزكاة بالبيع و الهبة و أنواع التصرفات و ليس للساعي فسخ البيع و لا شيء من ذلك لانه مالك فيجوز له التصرف فيه بجميع أنواعه و تعلق الزكاة به ليس بمانع سواء قلنا الزكاة تجب في العين أو لا لان تعلقها بالعين تعلق لا يمنع التصرف في جزء من النصاب فلم يمنع في جميعه كأرش الجناية و لان ملك المساكين مستقر فيها فإن له إسقاط حقهم منه بدفع القيمة فصار التصرف فيه اختيارا منه لدفع غيره انتهى قوله و لان ملك المساكين إلى أخره كأنه مبني على التنزل و المماشات مع الخصم بألالزام بالملكية كما في بعض كلماته الاشارة أليه و قال في موضع أخر قد بينا أن الزكاة متعلق بالعين لسقوطها