جواهر الکلام فی شرح شرائع الاسلام جلد 14
لطفا منتظر باشید ...
البصر متقاربان ، و لذا كان ظاهر المتن التخيير في الاعتبار بكل منهما ، و ما في المدارك من أن ظاهره التوقف في المعنى الاول حيث نسبه إلى الشهرة و ذكر الآخر جازما به ليس في محله ، بل ظاهره التخيير بقرينة لفظ التعويل ، بل لعل تقديمه مشعر بترجيحه على الاخير كما اعترف به في التنقيح ، لتقدم العرف على اللغة عند التعارض ، و الشهرة هنا بناء على أن المراد منها الشهرة الفتوائية صالحة لاثبات ما نحن فيه ، لكونه من الموضوعات ، فنسبة ذلك إليها لبيان مدرك الحكم لا للتوقف فيه كما حكاه في الرياض عن بعض مشايخه .مع أنه ربما يدل عليه مضافا إلى الشهرة و غيرها مما عرفت ، و مناسبته للتحديد اللغوي بمد البصر ، و لتقدير المسافة بمسيرة اليوم أيضا - ما حكي عن القاموس ( من أن الميل قدر مد البصر ، أو منار يبنى للمسافر ، أو مسافة من الارض متراخية بلا حد أو مائة ألف إصبع إلا أربعة آلاف إصبع ، أو ثلاثة أو أربعة آلاف ذراع بحسب اختلافهم في الفرسخ هل هو تسعة آلاف بذراع القدماء أو إثنى عشر الفا بذراع المحدثين ) إلى آخره .إذ من الواضح انطباقه على ما ذكره من المائة ألف إصبع إلا أربعة آلاف ، و منه يظهر أنه لاوجه لذكره الاربعة آلاف ذراع يعني مقابلا للمائة ألف إصبع إلا أربعة آلاف ، بل الظاهر رجوع التقدير بالثلاثة آلاف ذراع اليه أيضا كما نبه عليه الفيومي في مصباحه ، قال هو على ما يقتضيه ما حضرني من نسخته أو حاكيا له عن الازهري على ما عن أخرى : ( و الميل عند القدماء من أهل الهيئة ثلاثة آلاف ذراع ، و عند المحدثين أربعة آلاف ذراع ، و الخلاف لفظي فانهم اتفقوا على أن مقداره ستة و تسعون ألف إصبع ، و الاصبع ستة شعيرات بضم بطن كل واحدة للاخرى و لكن القدماء يقولون : الذراع اثنتان و ثلاثون إصبعا ، و المحدثون أربع و عشرون إصبعا ، فإذا قسم الميل على رأي القدماء كل ذراع اثنتين و ثلاثين كان المتحصل