ميول يزيد إلى المسيحية المنحرفة
وفضلاً عن كلّ ذلك فانّ يزيد نشأ نشأة مسيحية، أو أنّه كان يميل إلى المسيحية على أقلّتقدير.
وقد كتب الأُستاذ عبد اللّه العلائلي مشيراً إلى هذه الحقيقة: ويبدو مستغرباً بادئ ذي بدء أن نعرف أن يزيد نشأ نشأة مسيحية تبعد كثيراً عن عرف الإسلام وتزيد القارئ الدهشة إلى حد الإنكار، ولكن لا يبقى في الأمر ما يدعو إلى الدهشة إذا علمنا أن يزيد يرجع بالأُمومة إلى بني كلب، هذه القبيلة التي كانت تدين بالمسيحية قبل الإسلام، ومن بديهيات علم الاجتماع انّانسلاخ شعب كبير من عقائده يستغرق زمناً طويلاً، والتاريخ يحدّثنا انّ يزيد نشأ فيها ـ القبيلة ـ إلى طور الشباب، ومعنى هذا انّه أمضى الدور الذي هو محط أنظار المربين وعنايتهم، وبذلك ثبت على لون من التربية النابية تمازجها خشونة البادية وجفاء الطبع.(1)
على أنّ طائفة من المؤرّخين، ومنهم لامنس المسيحي في كتاب «معاوية» وكتاب «يزيد» ترجح ـ ولا يبعد أن يكون صحيحاً ـ انّ من أساتذة يزيد بعض مسيحيّي الشام، ولا يخفى ما يكون لهذه التربية من أثر سيّء في من سيكون ولي أمر المسلمين.
ثمّيضيف العلائلي: إنّ تحريضه للأخطل الشاعر المسيحي ليهجو الأنصار، وعهده بابنه إلى مسيحي مما لا اختلاف فيه بين المؤرّخين، ولا يمكن أن تعلّل هذه الصلة الوثيقة والتعلّق الشديد بالأخطل وغيره من المسيحيين إلاّ إلى مكان التربية ذات الصبغة المسيحية وبشهادة التاريخ لم يكن يزيد يخفي ميوله المسيحية. بل كان يقول جهاراً:
1-سمو المعنى في سمو الذات، ص 58.