خسارة غير قابلة للتعويض
أوجبت هذه المضايقات أن تظلّ الأحاديث النبوية حبيسة صدور حملة الحديث وحافظيه، وأن يبقى المسلمون لمدة من الزمن محرومين من المصدر الكبير للثقافة الإسلامية، لدرجة انّالشعبي قال: «كنت جليساً لابن عمر مدّة عام واحد ولم أسمع منه حديثاً واحداً»(1)
وقال السائب بن زيد: كنت مع سعد بن مالك في سفره من المدينة إلى مكة ولم يحدّث خلال ذلك بحديث واحد عن الرسول.(2)
ومن الواضح انّالخسارة التي مني بها الإسلام جرّاء هذا الحظر غير قابلة للتعويض، لأنّ كتابة الحديث باتت متروكة قرابة مائة عام، وأصبح ذلك الكلام الراقي بعيداً عن التداول بين المسلمين.
والأسوأ من كلّذلك انّ بعض المرتزقةوالوضّاعين والكذّابين استغلّ هذه الفرصة وراحوا يضعون الأحاديث على لسان الرسول بما ينصب في صالح الحكومات والحكّام في تلك الفترة، لأنّه عندما يكون مصدر الحديث هو المذاكرات والسماع من الأفراد فقط يكون من الطبيعي أن يتحدث ويدّعي أي شخص بأي شيء و كما يحلو له حيث لا كتاب ولا حساب، وواضح انّه يظهر العشرات من أمثال أبي هريرة في مثل هذه الظروف ولمصالح غير مشروعة يعتبرون أنفسهم محدّثين واقعيين.
استمر هذا الوضع حتى نهايات القرن الأوّل الهجري أي حتى خلافة عمر بن عبد العزيز(99ـ 101هـ) وألغى عمر بن عبد العزيز و من خلال مبادرة
1-سنن ابن ماجة:1/11.
2-نفس المصدر:1/12.