على مفترق الطرق الصعب
أراد عبد الملك بعمله هذا أن يحذّر الإمام ويقول له بأنّني على علم بكل تصرفاتك وأعمالك حتى الأُمور الشخصية منها!!
إذن في هذه الظروف كيف كان يمكن أن تحدث هناك حركة ثورية؟ وكأنّ الإمام السجاد ـ عليه السَّلام ـ كان يدرك طبيعة الظروف المريرة والحرجة المحيطة به حينما دعا اللّه سبحانه و تعالى في دعائه:
«...فكم من عدو انتضى عليّ سيف عداوته، وشحذ لي ظبة مديته، وارهف لي شباحدّه، وداف لي قواتل سمومه، وسدّد نحوي صوائب سهامه، ولم تنم عني عين حراسته، واضمر أن يسومني المكروه، ويجرعني زعاق مرارته، فنظرت يا إلهي إلى ضعفي عن احتمال الفوادح، وعجزي عن الانتصار ممن قصدني بمحاربته، ووحدتي في كثير عدد من ناواني، وارصد لي بالبلاء فيما لم اعمل فيه فكري، فابتدأتني بنصرك، وشددت أزري بقوتك...».(1)
على مفترق الطرق الصعب
بالالتفات إلى ما تقدم ندرك انّ الإمام السجاد واجه بعد واقعة عاشوراء مفترقاً صعباً، فكان عليه إمّا أن يقوم بثورة عارمة قوية من خلال تحريك عواطف ومشاعر أصحابه وأنصاره، العمل الذي هو أسهل ما يكون لديه وأن يرفع رايةالعداء والمعارضة ويخلق مأساة مثيرة، ولكن عليه أن ينطفئ مثل السراج ويفسح المجال ليصول ويجول الأمويون في الميادين الفكرية والسياسية، لعدم توفر الظروف المناسبة لحركة كبيرة تحتاج إلى صمود وثبات مثل هذه.
1-الصحيفة السجادية ، دعاء دفع كيد الأعداء (الدعاء49).