تفسّخ أخلاق الأُمّة
وطاعة من هو أولى بالطاعة من طاعة من اتبع وأطيع... فقدّموا أمر اللّه وطاعته وطاعة من أوجب اللّه طاعته بين يدي الأُمور كلّها، ولا تقدّموا الأُمور الواردة عليكم من طاعة الطواغيت وفتنة زهرة الدنيا... وإيّاكم وصحبة العاصين ومعونة الظالمين ومجاورة الفاسقين، احذروا فتنتهم، وتباعدوا من ساحتهم، واعلموا أنّه من خالف أولياء اللّه ودان بغير دين اللّه واستبد بأمره دون أمر ولي اللّه في نار تلتهب...».(1)
تفسّخ أخلاق الأُمّة
إنّ أهمية وضرورة هذه التعاليم والنصائح والمواعظ التي يقدّمها الإمام تتضح حينما ندرس المدى الذي وصلت إليه الأُمّة في انحطاطها في عهد حكم عبد الملك وابنه الوليد وإهمال السنّة والآداب والتعاليم الإسلامية في ذلك العصر، فنحن نعلم أنّ رقعة الفساد المالي والانحطاط الخلقي قد اتسعت منذ حوالي عام 30 هجرية في المجتمع الإسلامي، فراح أشراف قريش الذين كانوا يتمتعون بدخل كبير من خزينة بيت المال ومن عطاء خلفاء عصرهم يجمعون الأموال ويكنزون الذهب والفضة .
وهكذا سادت الرفاهية والارستقراطية واللهث وراء زخارف الحياة وزروقتها في المجتمع الإسلامي.
فقد أثرى الأثرياء ثراءً أكثر واشتروا الضياع والبساتين والجواري والغلمان خصوصاً الجواري اللاّتي رُبِّين للغناء والحفلات الساهرة بعد أن انتشرت مجالس اللهو والمجون والغناء بين الطبقات الأُخرى أيضاً، و قد بلغ هذا التفسّخ
1-تحف العقول، ص 252; الروضة من الكافي، ص 15.