الفرويدية وتاريخ البشرية
1. فئة هي أسيرة رغباتها المادية، وهذه فئة وضيعة قاصرة العقل لدرجة انّها لا يدور في خلدها شيء غير مساندة النظام الحاكم وتبرير أعماله، وذلك لإشباع رغباتها وميولها النفسية.
2. وفئة أُخرى تطلب الحقّ وهي مبدئية هادفة،غاضبة، متحررة من ضغوط البيئة والطبيعة، وينصب عزمها وجهدها بصورة رئيسية على حفظ القيم الإنسانية والأخلاقية وعلى ترقية مستوى الإنسان الروحي المعنوي، وإذا كان محرّك التاريخ لدى الفئة الأُولى هو التمتع بالترف والرفاه المادي للإنسان، فإنّ إصلاح المجتمع وإحياءه والنهوض به وتحريره من الطبيعة الحيوانية والتعلّقات المادية والاهتمام بالقيم والمبادئ العليا كلّ ذلك يكون هو المحرّك له لدى الفئة الثانية، وهنا تجب دراسة دور الأنبياء والأولياء الإلهيّين في صنع التاريخ بدقة أكبر وأُفق أوسع، فقد كان للشخصيات الإلهية دور بارز لا يمكن إنكاره في ظهور النهضات الإصلاحية الكبيرة في التاريخ وكان منهاجهم الإلهي الذي يصل إليهم من خلال الوحي أكبر رأسمال للنهضة والثورة. انّ دورهم في زرع الإيمان في الشعوب و تعبئتها في سبيل الأهداف الإنسانية العليا، وبالتالي في قلب وجه المجتمع وواقعه لهو من بديهيات التاريخ ومسلماته. وقد أثبتت التجارب التاريخية بأنّ العلوم البشرية قد تنير درب الإنسان إلى حد ما غير انّها لا تحدث ثورة ولا تصنع مجتمعاً.
لقد كان أنبياء اللّه ورسله وأولياؤه الصالحون هم الذين علّموا البشرية درس التحرر من أسر الجبابرة المستكبرين وكانوا بسبب ما يتمتعون به من قوة الإيمان فاعلين في دك قلاع الظلم أكثر من أي عامل آخر.
الفرويدية وتاريخ البشرية
وفي هذا الإطار ارتكبت الفرويدية خطأ أكبر فقد عدّ فرويد حركة التاريخ
معلولة للغريزة الجنسية، واعتقد بأنّ لهذه الغريزة دوراً كبيراً وأساسياً في جميع نشاطات الإنسان الفردية والاجتماعية.
فالإنسان من وجهة نظره هو حصيلة سلسلة من المحاولات والجهود المتواصلة تنبع جميعها بشكل شعوري أو لا شعوري من الغريزة الجنسية،ولم يتّضح حتى الآن سبب اهتمام هذا الاتجاه بالغريزة الجنسية من بين غرائز الإنسان أكثر من غيرها، وقد غضّ الطرف عن الجوانب الروحية فيه مع أنّ البحوث العلمية قد اكتشفت قبل فرويد وبعده جوانب قديرة في النفس الإنسانية وأثبتت غرائز راقية كان لها دور في الإبداع في تاريخ الإنسان مثل:
1. الجانب الروحي والتوجّه نحو ما وراء الطبيعة الذي أوجد الأديان والمذاهب، وفي الواقع انّ وجود كلّهذه المساجد والمعابد والمراكز الدينية يشكل جانباًمن نشاطات تلك الغرائز.
2. الجانب الأخلاقي وحب الحقّ والحقيقة وهو ممّا له دور كبير في حياة الإنسان، ولو حذف هذا الجانب الذي هو أحد الجوانب الروحية للإنسان من حياته لمنيت باختلال واضطراب عجيب.
3. حبّالفن والجمال الذي أوجد الفنون المعمارية الشرقية والغربية واللوحات الفنية الرائعة ونضد الفسيفساوات والصناعات اليدوية الجميلة والأدب الإنساني نثراً وشعراً، كلّ ذلك يشكل مظهراً بارزاً لهذا الجانب من الجوانب الروحية للإنسان.
4. الجانب العلمي وحب كشف المجهولات ومعرفة أسباب الظواهر والحوادث الذي ساهم مساهمة كبيرة في الحضارات وانفتاح العقل الإنساني. وبالنظر إلى هذه الجوانب فكيف يضع فرويد زمام تاريخ الإنسان بيد غريزة