أعذار واهية
ويطرح هنا سؤال وهو انّه ما السبب الذي يكمن وراء منع كتابة الحديث، وبأي دليل أصدر الخليفة هذا الأمر؟ مع أنّنا نعلم جميعاً أنّ سنّة النبي حجة كالقرآن، واتّباعها واجب على جميع المسلمين، وقد قال القرآن حول ما قاله النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ سواء كان قرآناً وهو كلام اللّه أو حديثاً ألفاظه من نفس النبي غير انّ ـ محتواه مستمد من عالم الـوحي ـ (وَما يَنْطِـقُ عَنِ الهَوى* إِنْ هُـوَ إِلاّوَحيٌّ يُوحى).(1)
وفضلاً عن ذلك جعل اللّه كلام الرسول وما يأتي به حجّة على المسلمين وقال:
(وَما آتاكُمُ الرَّسُول فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهوا) (2).
وقد روى عبد اللّه بن عمرو عن النبي انّه أومأ إلى شفتيه، فقال: يا ابن عمرو والذي نفسي بيده ما يخرج ممّا بينهما إلاّ حق فاكتب.(3)
وبالرغم من أهمية السنّة النبوية والتي تعد من الطرق الهامة والموثوقة لتعرف الناس على حقيقة الإسلام، فهل كان يجدر بالخليفة الثاني أن يكتب وللمنع من كتابة السنّة النبوية كتاباً إلى الأمصار: من كان عنده شيء فليمحه؟ وهل يتلاءم هذا الأمر والقرار مع روح الإسلام، ذلك الدين الذي يدعو إلى التنمية والتوسع في العلم والمعرفة؟
1-النجم:3 و 4.
2-الحشر:7.
3-المستدرك على الصحيحين:1/104; تدريب الراوي:2/62; جامع بيان العلم وفضله: ابن عبد البرّ القرطبي:1/71، باب ذكر الرخصة في كتاب العلم.