مركز الفساد والمجون
سوى ما جباه في أيامه من الضرائب والخراج من المزارعين. ولأنّه كان(1)يحتفظ بهذه الأموال باعتبارها أموال المظالم في موضع خاص يكتب اسم صاحب المال على ماله، حرّر المهدي جميعها وردّها إلى أصحابها أو ورثتها.(2)
ولعل أحد أسباب موقف المهدي هذا هو انّه لمّا تقلّد الخلافة كانت الانتفاضات العلوية والحركات النهضوية المضادة للاستبداد قد قمعت على يد المنصور، وكان الهدوء والاستقرار متفشيّين نسبياً، وعلى أية حال استقطب الرفاه الاقتصادي والوضع الأمني المستقر رضا طبقات المجتمع جميعاً، وأوجب أن يجري دم طازج في عروق الحياة الاجتماعية والاقتصادية للناس.
ومن المؤكد انّه لو كان هذا الوضع يستمر ويدوم لكان يترك آثاراً ونتائج رائعة، غير انّه وللأسف انّ هذه السيرة قد تبدّلت وكشف الخليفة الجديد عن حقيقته وراحت السياسة اللا إسلامية تبدأ من جديد.
مركز الفساد والمجون
كان المهدي في أوّل أمره يحتجب عن الندماء تشبيهاً بالمنصور، ولم يستغرق ذلك سنة واحدة حتى غيّر سيرته وراح يحيي مجالس اللهو والمجون، واستجمع ندماءه وقرّبهم وقد أشير عليه أن يحتجب عنهم وحذّروه من مغبة ذلك فقال: إنّما اللذة مع مشاهدتهم.(3)
وقد أفرط المهدي في ممارسة ذلك كثيراً لدرجة انّه لم يأخذ بنصائح وزيره الفاضل والحكيم يعقوب بن داود على الرغم من أنّه فوض الأُمور إليه كلّها وكان
1-مروج الذهب:3/312.
2-مختصر تاريخ العرب ص213.
3-تاريخ الخلفاء: 277.