3. قانون الصلح في الإسلام
معاوية وثبت موقعه أكثر من السابق ـ يرتقي المنبر حينما دخل معاوية الكوفة، ويشرح دوافع صلحه ومناقب آل علي بن أبي طالب، ثمّ تطرق بعد ذلك إلى مثالب ومساوئ معاوية، وبحضور الجميع ووجّه إليه نقداً لاذعاً وبصراحة شديدة.(1)
وبعد استشهاد أمير المؤمنين وصلح الحسن عبّأت الخوارج قواتها جميعاً لقتال معاوية، وقد سمع هذا الأخير انّ حوثرة الأسدي ـ وهو من قادة الخوارج ـ قد تمرّد عليه وجنّد له جيشاً. وأرسل معاوية ـ لتثبيت موقعه وتعزيزه ومحاولة منه للتظاهر بأنّالإمام مطيع لأوامره ـ إلى الحسن و هو في طريقه إلى المدينة رسالة يدعوه فيها إلى القضاء على تمرّد حوثرة، ثمّيواصل مسيره، فأجاب الإمام : «واللّه لقد كففت عنك، لحقن دماء المسلمين، انّي تركتك لصلاح الأُمّة وما أحب ذاك يسعني، أفأُقاتل عنك قوماً أنت واللّه أولى بالقتال منهم».(2)تظهر في هذه الكلمات روح البسالة والشجاعة لا سيما تلك العبارة التي يحتقر فيها معاوية بكلّ عظمة حيث قال: فإنّي تركتك لصلاح الأُمّة .
3. قانون الصلح في الإسلام
وممّا ينبغي معرفته هو انّه لا يوجد هناك قانون واحد باسم الحرب والجهاد، فكما يأمر الإسلام المسلمين بالجهاد والقتال في ظروف معينة، كذلك يأمرهم بالصلح كلما لم تنفع الحرب في الوصول إلى الهدف. وقد شاهدنا كلتا الحالتين في سيرة نبي الإسلام ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ، فقد خاض المعركة في بدر وأُحد والأحزاب وحنين، بينما
1-نفس المصدر، ص 156.
2-شرح نهج البلاغة:5/98; الكامل في التاريخ:3/409; كشف الغمة:2/199; الكامل في اللغة والأدب، المبرد:2/195.