اختلاق العلماء والوعاظ وصنعهم
وكان يحذّر الفقهاء والمحدّثين من الانتماء إلى الحكومة ويقول: «الفقهاء أُمناء الرسل، فإذا رأيتم الفقهاء قد ركبوا إلى السلاطين فاتهموهم»(1)
وكتب أبو جعفر المنصور إلى الإمام يوماً: لولا تغشانا كما تغشانا سائر الناس.
فأجابه الإمام :«ما عندنا من الدنيا ما نخافك عليه، ولا عندك من الآخرة ما نرجوك له، ولا أنت في نعمة فنهنّيك عليها، ولا تعدها نقمة فنعزيك بها، فلم نغشاك؟!» فكتب المنصور: تصحبنا. لتنصحنا فأجابه الإمام: «من أراد الدنيا فلا ينصحك، ومن أراد الآخرة فلا يصحبك».(2)
اختلاق العلماء والوعاظ وصنعهم
كان الأمويون يبذلون جهدهم و بشتى الوسائل لإبعاد الناس عن مدرسة أهل البيت وبناء جدار بينهم و بين أئمة الإسلام الكبار، ولهذا كانوا يرجعون الناس إلى أهل الفتيا والعلماء المنتمين إلى الجهاز الحاكم أو على الأقل إلى الفقهاء الذين لا يشكلون خطراً عليهم .
وتابع العباسيون الذين حملوا في بداية أمرهم شعار الولاء لأهل البيت والدفاع عنهم وجعلوه وسيلة للوصول إلى أهدافهم نفس هذه الطريقة أيضاً بعد أن وطّدوا سلطانهم، فقد كان الخلفاء العباسيون يرون ـ كالأمويين ـ في أئمة أهل البيت الكبار الذين استقطبت وجذبت مدرستهم النابضة بالحياة الناس ومنحتهم النشاط واليقظة مركزاً للخطر، ولهذا السبب حاولوا أن يعزلوهم بعيداً عن الناس.
1-الإمام الصادق ـ عليه السَّلام ـ والمذاهب الأربعة:3ـ4/21، نقلاً عن حلية الأولياء.
2-بحار الأنوار:47/184.