أرد عليه.(1)
ولمّا أقبلت رايات الانتصار ترفرف وظهرت علائم النجاح كاتب أبو سلمة الإمام مرة ثانية: إنّ سبعين ألف مقاتل وصل إلينا، فننتظر أمرك.
فقال ـ عليه السَّلام ـ : «إنّ الجواب كما شافهتك».(2)
ويروي لنا أبو بكر الحضرمي انّه: دخلت أنا وأبان على أبي عبد اللّه الصادق ـ عليه السَّلام ـ ، وذلك حين ظهرت الرايات السود بخراسان فقلنا: ماترى؟
فقال: «اجلسوا في بيوتكم، فإذا رأيتمونا قد اجتمعنا على رجل فانهدوا إلينا بالسلاح».(3)
وقال الإمام ـ عليه السَّلام ـ في حديث آخر لأصحابه: كفّوا ألسنتكم، وألزموا بيوتكم، فإنّه لا يصيبكم أمر تخصون به أبداً ـ الحكومة الإسلامية الحقة ـ ».(4)
لماذا رفض الإمام الصادق ـ عليه السَّلام ـ اقتراح قادة الثورة العباسية؟
و بالنظر إلى ما تقدم يبدو موقف الإمام في الوهلة الأُولى تجاه اقتراحات أبي سلمة وأبي مسلم أمر يصعب فهمه وتحليله، ولكن إذا أمعنّا النظر قليلاً في الأُمور أدركنا السبب الكامن وراء هذا الموقف، فقد كان الإمام الصادق يدرك بأنّ قادة الثورة لا هدف لهم إلاّ الحصول على مقاليد السلطة، وليس رفع شعار الولاء لأهل البيت إلاّ لجذب واستقطاب الموالين لأهل البيت.
وتشهد الروايات التاريخية بوضوح انّ أبا سلمة الخلاّل تسلّم مقاليد الأُمور السياسية بعد وصول القوات الخراسانية إلى الكوفة، وراح يوزع المناصب السياسية والعسكرية بين جماعته وأصحابه، فقد أراد باختياره خليفة علوياً أن
1-الفخري، ابن طقطقا، ص 154; مروج الذهب:3/253ـ 254، ولم يذكر المسعودي رسالةعمر ابن زين العابدين.
2-بحار الأنوار:47/133.
3-بحار الأنوار: 52/139.
4-بحار الأنوار: 52/139.