الوحي والمحافظة على الدين
تؤكد أحاديث الأئمة الاثني عشر على أنّ خطة الحفاظ على الدين بعد رحيل رسول اللّه هو أن يتعين خليفته من خلال تنصيصه هو عليه أو على يد خلفائه وانّ الأُمّة لا حقّ لها في انتخاب الخليفة.
لأنّه لو كان انتخابه من قبلهم لكان تحديد الاثنى عشر خليفة وحصرهم في بني هاشم منافياً لذلك الأصل الآنف الذكر. ولم تكتف الأحاديث المذكورة بذكر عدد الخلفاء وصفاتهم، بل انّ الرسول ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ وفي عدة مناسبات كان يذكر أسماءهم أيضاً، وقد عيّن خليفته الأوّل في بداية دعوته ورسالته.
ويشهد على ذلك حادثتا يوم الدار(1) في السنة الثالثة من البعثة والغدير المشهورتان. وسنشير إلى سرّ ضرورة تعيين الخليفة من قبل اللّه تعالى بشكل موجز، وهو انّ الطريق الصحيح والسليم للحفاظ على الدين والاحتراز من أي اختلاف وافتراق بين الأُمّة أن يعين الرسول الأكرم ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ومن خلال الوحي خليفته أو خلفاءه وينص عليهم وأن لا يدع الأمر إلى أُمّته، لانّ إحالة الأمر إليهم خطأ من ناحيتين:
ذلك انّ طبيعة وطريقة حياتهم الاجتماعية ـ المتأثّرة من النظام القبلي ـ لم تكن لتسمح بأن يساهم أفراد المجتمع في الانتخابات ويختار في النهاية الشخص الأصلح بطريقة ديمقراطية وبحرية كما يقولون.
والناحية الثانية هي انّ ثالوث الأعداء كان يحدق بهذه الحكومة الفتية ويترصّدها ويتحيّن الفرصة للقضاء عليها، وفي هذه الظروف وهذا المجتمع يكون بقاء الدين واستمراره منوط بتعيين الخليفة من قبل القائد والمنظّر لهذه الثورة ولا
1-سيأتي تفصيل حادثة يوم الدار في هذا الكتاب في الصفحة 38.