الحمد للّه و إن أتى الدّهر بالخطب الفادح(447)، و الحدث (448) الجليل. و أشهد أن لا إلهإلا اللّه لا شريك له، ليس معه إله غيره، وأنّ محمّدا عبده و رسوله، صلّى الله عليهوآله.
القسم الثاني سبب البلوى
أمّا بعد، فإنّ معصية النّاصح الشّفيقالعالم المجرّب تورث الحسرة، و تعقبالنّدامة. و قد كنت أمرتكم في هذه الحكومةأمري، و نخلت لكم مخزون رأيي (449)، لو كانيطاع لقصير (450) أمر فأبيتم عليّ إباءالمخالفين الجفاة، و المنابذين العصاة،حتّى ارتاب النّاصح بنصحه، و ضنّ الزّندبقدحه (451)، فكنت أنا و إيّاكم كما قال أخوهوازن (452): أمرتكم أمري بمنعرج اللّوى (453)فلم تستبينوا النّصح إلّا ضحى الغد.
بيان
«الخطب» الأمر العظيم. و «الفادح» الثقيل.و قال الجوهريّ: «المجرّب» الّذي قدجرّبته الأمور و أحكمته، فإن كسرت الرّآءجعلته فاعلا إلّا أنّ العرب تكلّمت بهبالفتح. قوله- عليه السلام- و «نخلت» أيأخلصت و صفيت من نخلت الدقيق بالمنخل.قوله- عليه السلام- «لو كان يطاع» هو مثليضرب لمن خالف ناصحه، و أصل المثل أنّقصيرا كان مولى الجذيمة بن الأبرش بعضملوك العرب و قد كان جذيمة قتل أبا الزبّاملكة الجزيرة، فبعثت إليه ليتزوّج بهاخدعة، و سألته القدوم عليها فأجابها إلىذلك و خرج في ألف فارس و خلّف باقي جنوده معابن أخته،