قد مضى شرح أكثر فقرات هذه الخطبة في كتابالتوحيد و نشير هنا إلى بعض ما يناسبالمقام: «المدحة» بالكسر، الحالة الّتيتكون المادح عليها في مدحه، و الاضافةللاختصاص الخاصّ أي المدحة اللائقة بعزّةجلاله، و لعلّ المراد عجز جميع القائلين وإن اجتمعوا. و «الاجتهاد» السعي البليغ فيالعبادة. و ظاهر قوله «و لا وقت معدود و لاأجل ممدود» نفي الزمان مطلقا عنه- تعالى-كالمكان و يمكن حملهما على الأزمنةالمعدودة المتناهية، و لعلّ الأوّلللماضي و الثاني للمستقبل. و «الفطر»الابتداء و الاختراع، و أصله الشقّ. «و نشرالرياح» بسطها، و كلّ ما جاء في القرآنبلفظ الرياح فهو للرحمة و ما ورد في العذابفهو بلفظ المفرد، و لعلّه إشارة إلى قلّةالعذاب و سعة الرحمة، و يمكن أن يرادبالرحمة هذا المطر، كما قال- سبحانه-: «و هوالّذي يرسل الرّياح بشرا بين يدي رحمته». وقريء بالباء و النون، و قيل: زعمت العربأنّ السحاب لا تلقح إلّا من رياح مختلفة،فيمكن أن يكون المراد بالنشر ذلك. و قالالفرّاء: «النشر» من الرياح الطيّبةالليّنة الّتي تنشيء السحاب، و التعميمأولى لأنّ رياح الرحمة كثيرة منها اللواقحو مهيّجة السحب الماطرة و الحابسة لها بينالسماء و الأرض و العاصرة لها حتّى تمطر والمجرية للجواري في البحار و غيرها. و «وتدالشيء» بالتخفيف، أي جعله محكما مثبتابالوتد. و «الصخور» جمع الصخرة، و هي الحجرالعظيم الصلب. و «الميدان» بالتحريك،التحرّك و الاضطراب، و قد مرّ تحقيق ذلك وسيأتي بعضه.«و كمال الاخلاص له نفي الصفات عنه» لعلّمناسبة الاخلاص لنفي الصفات أنّ الإخلاصفي العبادة بالنظر إلى عامّة الخلق هو أنلا يقصدوا في عبادتهم غيره- تعالى- منالمخلوقين، و بالنظر إلى الخواصّ أنيعرفوا اللّه بحسب و سعهم و طاقتهمبالوحدانيّة ثمّ يعبدونه، فمن عبد اللّهوحده بزعمه و زعم أنّ له صفات زائدة