36- و من خطبة له عليه السلام في تخويف أهلالنهروان (454)
فأنا نذير لكم أن تصبحوا صرعى (455) بأثناءهذا النّهر، و بأهضام (456) هذا الغائط (457)،على غير بيّنة من ربّكم، و لا سلطان مبينمعكم: قد طوّحت (458) بكم الدّار، و احتبلكمالمقدار (459)، و قد كنت نهيتكم عن هذهالحكومة فأبيتم عليّ إباء المنابذين،حتّى صرفت رأيي إلى هواكم، و أنتم معاشرأخفّاء الهام (460)، سفهاء الأحلام (461)، و لمآت- لا أبالكم- بجرا (462)، و لا أردت لكمضرّا.
بيان
«الأهضام» جمع «هضم» و هو المطمئنّ منالوادي. و «الغائط» ما سفلت من الأرض. و«السلطان» الحجّة، و لعلّ المرادبالبيّنة الحجّة الشرعيّة و بالسلطانالدليل العقليّ. و قال الجوهريّ: «طاح يطوحو يطيح» هلك و سقط و كذلك إذا تاه في الأرض،و «طوّحه» أي توّهه و ذهب به ههنا و ههنا. والمراد بالدّار الدنيا.«و احتبلكم» أي أوقعكم في الحبال. و«المقدار» قضاء اللّه و قدره. و «الهام»جمع الهامة و هي الرأس، و «خفّتها» كنايةعن قلّة العقل و عن الطيش و عدم الثبات فيالرأي. و «الأحلام» جمع «حلم» بالكسر، و هوالأناة و العقل. و «لا أبالك» كلمة تستعملفي المدح كثيرا و في الذمّ أيضا و في معرضالتعجّب، و الظّاهر هنا الذمّ أو التعجّب.و «البجر» الأمر العظيم و الداهية، و يروى«هجرا» و هو السّاقط من القول، و يروى«عرا» و «العرو» معرّة الإثم.