اعلم أنّه أجمعت الفرقة المحقّة و أكثرالمخالفين على عصمة الملائكة- صلوات اللّهعليهم أجمعين- من صغائر الذنوب و كبائرها،و سيأتي الكلام في ذلك في كتاب السماء والعالم، و طعن فيهم بعض الحشويّة بأنّهمقالوا: «أ تجعل» و الاعتراض على اللّه منأعظم الذنوب و أيضا نسبوا بني آدم إلىالقتل و الفساد و هذا غيبة و هي منالكبائر، و مدحوا أنفسهم بقولهم: وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ و هو عجب، وأيضا قولهم: لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ماعَلَّمْتَنا» اعتذار و العذر دليل الذنب،و أيضا قوله- [تعالى]-: إِنْ كُنْتُمْصادِقِينَ دلّ على أنّهم كانوا كاذبينفيما قالوه، و أيضا قوله- [تعالى]-: أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ يدلّ على أنّهم كانوامرتابين في علمه- تعالى- بكلّ المعلومات، وأيضا علمهم بالإفساد و سفك الدماء إمّابالوحي و هو بعيد و إلّا لم يكن لإعادةالكلام فائدة، و إمّا بالاستنباط و الظنّو هو منهيّ عنه.و أجيب عن اعتراضهم على اللّه بأنّ غرضهممن ذلك السؤال لم يكن هو الإنكار و لاتنبيه اللّه على شيء لا يعلمه، و إنّماالمقصود من ذلك أمور: منها: أنّ الإنسانإذا كان قاطعا بحكمة غيره ثمّ رآه يفعلفعلا لا يهتدي ذلك الإنسان إلى وجه الحكمةفيه استفهم عن ذلك متعجّبا فكأنّهم قالوا:إعطاء هذه النعم