و أصطفى سبحانه من ولده أنبياء أخذ علىالوحي ميثاقهم (49)، و على تبليغ الرّسالةأمانتهم، لمّا بدّل أكثر خلقه عهد اللّهإليهم فجهلوا حقّه، و اتّخذوا الأنداد (50)معه، و اجتالتهم (51) الشّياطين عن معرفته،و اقتطعتهم عن عبادته، فبعث فيهم رسله، وواتر (52) إليهم أنبياءه، ليستأدوهم ميثاقفطرته، و يذكّروهم منسيّ نعمته، و يحتجّواعليهم بالتّبليغ، و يثيروا لهم دفائنالعقول، و يروهم آيات المقدرة: من سقففوقهم مرفوع، و مهاد تحتهم موضوع، و معايشتحييهم، و آجال تفنيهم، و أوصاب (53)تهرمهم، و أحداث تتابع عليهم، و لم يخلاللّه سبحانه خلقه من نبيّ مرسل، أو كتابمنزل، أو حجّة لازمة، أو محجّة (54) قائمة:رسل لا تقصّر بهم قلّة عددهم، و لا كثرةالمكذّبين لهم: من سابق سمّي له من بعده،أو غابر عرّفه من قبله: على ذلك نسلت (55)القرون، و مضت الدّهور، و سلفت الآباء، وخلفت الأبناء.
بيان
«على الوحي» أي على أدائه. «و اجتالتهم»أي أدارتهم تارة هكذا و تارة هكذا. «و واترإليهم» أي أرسلهم و ترا بعد وتر. و الإضافةفي «دفائن العقول» بتقدير «في» أي العلومالكامنة في العقول، أو بيانيّة أيالعقول