قوله- عليه السلام- «لم تسبق له حال حالا»إمّا مبنيّ على ما مر من عدم كونه- تعالى-زمانيّا، فإنّ السبق و التقدم و التأخّرإنّما تلحق الزمانيّات المتغيّرات، و هو-تعالى- خارج عن الزمان، أو المعنى أنّه ليسفيه تبدّل حال و تغيّر صفة بل كلّ مايستحقّه من الصفات الذاتيّة الكماليّةيستحقّها أزلا و أبدا فلا يمكن أن يقال:كان استحقاقه للأوّليّة قبل استحقاقهللآخريّة، أو كان ظاهرا ثمّ صار باطنا بلكان أزلا متّصفا بجميع ما يستحقّه منالكمالات، و ليس محلّا للحوادث والتغيّرات، أو أنّه لا يتوقّف اتّصافهبصفة على اتّصافه بأخرى بل كلّها ثابتةلذاته من غير ترتيب بينها و لعلّ الأوسطأظهر.قوله- عليه السلام- «كلّ مسمّى بالوحدة.غيره قليل» قيل: المعنى أنّه- تعالى- لايوصف بالقلّة و إن كان واحدا إذ المشهور منمعنى الواحد كون الشيء مبدأ لكثرة يكونعادّا لها و مكيالا، و هو الّذي تلحقهالقلّة و الكثرة الإضافيّتان، فإنّ كلّواحد بهذا المعني هو قليل بالنسبة إلىالكثرة الّتي تصلح أن تكون مبدأ لها، ولمّا كان- تعالى- منزّها عن الوصف بالقلّةو الكثرة لما يستلزمانه من الحاجة والنقصان اللازمين لطبيعة الإمكان أثبتالقلّة لكلّ ما سواه فاستلزم إثباتهالغيره في معرض المدح له نفيها عنه، و قيل:إنّ المراد بالقليل الحقير لأنّ أهل العرفيحقّرون القليل و يستعظمون الكثير.أقول: الأظهر أنّ المراد أن الوحدةالحقيقيّة مخصوصة به- تعالى-، و إنّما يطلقعلى غيره بمعنى مجازيّ مؤوّل بقلّة معانيالكثرة فإنّ للكثرة معان مختلفة: الكثرةبحسب