شرح المحلی جلد 11
لطفا منتظر باشید ...
في مراعاة الاختلاف انما هو أن تكون الشهادة على عمل واحد فقط و إذا اختلفوا في المكان أو الزمان أو المقذوف أو المزني بها أو المسروق منه أو الشيء المسروق فلم يشهدوا على عمل واحد قلنا : من أين وقع لكم أن تكون الشهادة في كل ذلك على عمل واحد وأي قرآن أو سنة أو إجماع أوجب ذلك ؟ وأي نظر أوجبه ؟ و هذا ما لا سبيل إلى وجوده بل الغرض إثبات الزنا المحرم و القذف المحرم و السرقة المحرمة و الشرب المحرم و الكفر المحرم فقط و لا مزيد ، و بيان ذلك قول الله تعالى : ( و الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء ) الآية ، فصح بهذه الآية أن الواجب انما هو إثبات الزنا فقط و هو الذي رماها به و لا معنى لذكره التي رماها و لا سكوته عنه فليس عليه أن يأتي بأكثر من أربعة شهداء على ان الذي رماها به من الزنا حق و لا نبالي عملا واحدا كان أو أربعة أعمال لان كل ذلك زنا ، و كذلك ان شهد عليه بالقذف لمحصنة فقد ثبت عليه بالقرآن ثمانون جلدة و لم يحد الله تعالى أن يكون في الشهادة ذكر الزمان و لا ذكر المكان فالزيادة لهذا باطل بيقين لان الله تعالى لم يأمر به و لا بمراعاته ، و كذلك قال الله تعالى : ( و السارق و السارقة فاقطعوا أيديهما ) فحسبنا ، و صحة الشهادة بانها سارقة أو أنه سارق ، و لم نجد الله تعالى ذكر الزمان أو المكان أو المسروق منه أو الشيء المسروق فمراعاة ذلك باطل بيقين لا شك فيه ، و هكذا قال رسول الله صلى الله عليه و آله : " إذا شرب الخمر فاجلدوه " فاوجب الجلد بشرب الخمر فإذا صحت الشهادة بشرب الخمر فقد وجب الحد بنص أمر رسول الله صلى الله عليه و آله في ذلك و لا معنى لمراعاة ذكر مكان أو زمان أو صفة الخمر أو صفة الانآء اذ لم يأت نص بذلك عن الله تعالى و لا عن رسوله صلى الله عليه و آله و سلم فمراعاة ذلك باطل بلا شك ، و الحمد لله رب العالمين قال أبو محمد : و قد جاء نحو ذلك عن السلف كما حدثنا عبد بن ربيع حدثنا ابن مفرج حدثنا قاسم بن اصبغ حدثنا ابن وضاح حدثنا سحنون حدثنا ابن وهب أنا السري بن يحيى قال : حدثنا الحسن البصري قال : شهد الجارود على قدامة بن مظعون أنه شرب الخمر - و كان عمر قد أمر قدامة على البحرين - فقال عمر للجارود : من يشهد معك ؟ قال : علقمة الخصي فدعا علقمة فقال له عمر بم تشهد ؟ فقال علقمة و هل تجوز شهادة الخصي قال عمر : و ما يمنعه أن تجوز شهادته إذا كان مسلما قال علقمة : رأيته يقئ الخمر في طست قال عمر : فلا و ربك ماقاءها حتى شربها فأمر به فجلد الحد فهذا حكم عمر بحضرة الصحابة رضي الله عنهم لا يعرف له منهم مخالف في اقامة