2191 بكم من مرة من الاقرار تجب الحدود على المقر وذكر مذاهب الفقهاء فى ذلك وبيان أدلتهم وتحقيق المقام بما يسر الناظر ويطمئن اليه الخاطر - شرح المحلی جلد 11
2191 بكم من مرة من الاقرار تجب الحدود على المقر وذكر مذاهب الفقهاء فى ذلك وبيان أدلتهم وتحقيق المقام بما يسر الناظر ويطمئن اليه الخاطر
( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) موجبا أن لا يجلد أحد إلا على حسب طاقته من الالم و كان نصا جليا في ذلك لا يجوز مخالفته أصلا ، و بضرورة العقل ندري أن ابن نيف و ثلاثين قوي الجسم مصبر الخلق يحمل من الضرب من قوته ما لا يحمله الشيخ ابن ثمانين و الغلام ابن خمسة عشر عاما و أربعة عشر عاما إذا بلغ و أصاب حدا ، و كذلك يؤلم الشيخ الكبير و الغلام الصغير من الجلد ما لا يؤلم ابن الثلاثين الشاب القوي بل لا يكاد يحس إلا حسا لطيفا ما يؤلم ذينك الالم الشديد ، و أن الذي يؤلم الشاب القوي لو قوبل به الشيخ الهرم و الصغير النحيف من الجلد لقتلهما ، هذا أمر لا يدفعه إلا مدافع للحس و المشاهدة ، و وجدنا المريض يؤلمه أقل شيء مما لا يحسه الصحيح أصلا إلا كما يحس بثيابه التي ليس لحسه لها في الالم سبيل أصلا و على حسب شدة المرض يكون تألمه للكلام و للتلف و للمس اليد بلطف ، هذا ما لا شك فيه أصلا و من كابر هذا فانما يكابر العيان و المشاهدة و الحس ، فوجدنا المريض إذا أصاب حدا من زنا أو قذف أو خمر لابد فيه من أحد أمرين لا ثالث لهما إما أن يعجل له الحد و إما أن يؤخر عنه ( فان قالوا ) يؤخر ( قلنا لهم ) : إلى متى ؟ ( فان قالوا ) إلى أن يصح ( قلنا لهم ) . ليس لهذا أمد محدود و قد تتعجل الصحة و قد تبطئ عنه . و قد لا يبرأ فهذا تعطيل للحدود و هذا لا يحل أصلا لانه خلاف أمر الله تعالى في اقامة الحدود فلم يبق إلا تعجيل الحد كما قلنا نحن ، و يؤكد ذلك قول الله تعالى : ( سارعوا إلى مغفرة من ربكم ) فصح أن الواجب أن يجلد كل واحد على حسب وسعه الذي كلفه الله تعالى أن يصبر له ، فمن ضعف جدا جلد بشمراخ فيه مائة عثكول جلدة واحدة أو فيه ثمانون عثكالا كذلك . و يجلد في الخمر إن اشتد ضعفه بطرف ثوب على حسب طاقة كل أحد و لا مزيد ، و بهذا نقول و نقطع أنه الحق عند الله تعالى بيقين و ما عداه فباطل عند الله تعالى و به التوفيق 2191 مسألة - بكم من مرة من الاقرار تجب الحدود على المقر ؟ قال أبو محمد رحمه الله : اختلف الناس في هذا فقالت طائفة : بإقراره مرة واحدة تجب اقامة الحدود و هو قول الحسن بن حي ، و حماد بن أبي سليمان ، و عثمان البتي ، و مالك ، و الشافعي ، و أبي ثور ، و أبي سليمان . و جميع أصحابهم ، و قالت طائفة : لا يقام على أحد حد الزنا بإقراره حتى يقر على نفسه أربع مرات و لا يقام عليه حد القطع و السرقة حتى يقربه مرتين وحد الخمر مرتين ، و أما في القذف فمرة واحدة و هو قول روي عن أبي يوسف صاحب أبي حنيفة